في أواسط الخمسينات من القرن
الماضي طالبت العديد من المحاميات العربيات بضرورة إصلاح قوانين الأحوال
الشخصية، وقد تم تعديل القوانين وحصلت المرأة العربية على حقها في التصويت
والانتخاب على قدم المساواة مع الرجل في العديد من الدول العربية، وقد حصلت
المرأة السورية على حقها
في الانتخاب والتصويت عام 1949
والمرأة اللبنانية عام 1952 والمرأة المصرية عام 1953 والمرأة التونسية عام
1959 والجزائرية عام 1962 والمرأة السودانية عام 1964… الخ وللعلم أن
المرأة السويسرية لم تحصل على حق التصويت والترشيح إلا عام 1971.
في أوائل القرن العشرين كرست
الأديبة المصرية نبوية موسى حياتها للارتقاء بدور المرأة المصرية، وقد
أصدرت مجلة الفتاة الأسبوعية عام 1937 وشاركت في المؤتمرات السياسية داخل
مصر وخارجها، وكانت الدكتورة إحسان الغبشاوي مستشارة الاتحاد النسائي
الإسلامي العالمي أول وزيرة صحة في العالم العربي في السودان.
لقد شاركت المرأة العربية إلى جانب
الرجل في اتخاذ القرارات في مختلف مناحي الحياة السياسية والاقتصادية
والاجتماعية والثقافية، وفي عام 1974 عقد مؤتمر نسائي في بيروت تحت شعار
وضع المرأة العربية في دساتير الأقطار العربية، واشترك في هذا المؤتمر
ممثلون 12 دولة عربية، وأبرز التوصيات التي خرج بها المؤتمر ضرورة مساواة
المرأة بالرجل، والاعتراف بحقها في المجال الثقافي والسياسي، وبعد عام عقد
مؤتمر حول (العمل للمرأة) في بغداد عام 1975، وقد عقد مؤتمر القمة الأول
للمرأة العربية في القاهرة عام 2000، ومؤتمر القمة الاستثنائية للمرأة
العربية بالمغرب عام 2001، بالإضافة إلى عدة منتديات حول المرأة والمجتمع،
وشاركت المرأة في السياسة والإعلام والاقتصاد والأدب والتكنولوجيا، وأوصت
هذه المؤتمرات والمنتديات على ضرورة دعم المرأة ومكانتها في المجتمع، وأن
تسهم في العملية التنموية على قدم المساواة مع الرجل، وفي السنوات الأخيرة
لقد تضاعف عدد النساء داخل البرلمانات العربية، ووصلت النسبة إلى 6.5 علما
أن نسبة النساء في الاتحاد الأوروبي تشكل نسبة 16.5%.
لقد وصلت نسبة النساء العاملات في
مجال الخدمات في دول الخليج العربي حوالي 80%، وفي بعض البلدان العربية
التي تنمو فيها قطاعات الإنتاج الصناعي لا تتجاوز نسبة النساء المشتغلات في
قطاع الإنتاج 16%، وفي البلدان العربية يتراوح عمل المرأة في المجال
التجاري والزراعي والحرفي وتحضير الطعام وحفظه 60%، وتزايد دور المرأة
العربية في المجال الاقتصادي من خلال الدور البارز لسيدات الأعمال
العربيات.
أما على الصعيد الثقافي كانت هناك
الكاتبة والأديبة والشاعرة ومن أشهر الأديبات في العالم العربي أحلام
مستغانمي، وغادة السمان، وسعاد محمد الصباح، وسلمى الخضراء الجيوسي، ونوال
السعداوي، وليلى الأطرش، وكوليت خوري، وسحر خليفة… الخ، ومن أبرز المناضلات
العربيات جميلة بوحيرد من الجزائر وليلى خالد من فلسطين… وهناك العديد من
المناضلات في الساحة العربية، وشاركت المرأة الجزائرية في ثورة الجزائر،
وقبلها ساهمت المرأة العراقية برفض معاهدة بورتسموت عام 1948 بعد الحرب
العالمية الثانية التي رفضتها الحركات السياسية في العراق، ثم المرأة
الفلسطينية في مقاومة الاحتلال البريطاني، وفيما بعد مقاومة الاحتلال
الصهيوني، وكافحت المرأة السودانية في سبيل تشكيل اتحادها النسائي، وكذلك
المرأة اليمنية في تكوين تنظيمها النسائي في الربع الأخير من القرن
العشرين، وبرز الدور الكبير والمميز للمرأة العربية في ظل ثورات الربيع
العربي للتخلص من الأنظمة الديكتاتورية المستبدة، وقد نشرت صحيفة الجارديان
البريطانية تحقيقا عن دور المرأة الذي برز فيما تطلق عليه الصحيفة الربيع
العربي، ويقول التحقيق الذي اشترك في إعداده عدد من الصحفيين والصحفيات من
طرابلس وتونس وصنعاء أن النساء العربيات قد نجحن في تنظيم مسيرات الاحتجاج،
وأخيرا حصلت الكاتبة والصحفية المعروفة في مجال حقوق الإنسان ورئيسة منظمة
صحفيات بلا قيود توكل عبد السلام كرمان على جائزة نوبل للسلام، وقد قادت
توكل العديد من التظاهرات السلمية التي كانت تنظم أسبوعيا في ساحة الحرية.
يعود الدور الفعال للمرأة بدرجات
متفاوتة في العديد من الدول العربية، فالمرأة العربية اليوم تعمل في كافة
المجالات الاقتصادية والسياسية والاجتماعية والثقافية، وهي عضوه في
البرلمان، أو وزيرة أو سفيرة، نجد ذلك في مصر والجزائر وسوريا والعراق
ولبنان والأردن والكويت وفلسطين، ولكنها لم تأخذ دورها في بعض الدول
العربية، وفي مقدمة هذه الدول السعودية ودول الخليج واليمن وليبيا،
وبالمقابل نجد أن دولة الكويت هي الدولة الوحيدة التي كان فيها برلمان
منتخب، ولكن المرأة الكويتية بقيت محرومة من حق التصويت والترشيح حتى أيار
2005 عندما وافق مجلس الأمة الكويتي على منح المرأة الكويتية حقوقها
السياسية.
يقدر عدد الأميين في العالم العربي
ب 70 مليون 46 مليون من النساء، وقد بلغت نسبة الأمية 27.3% في الدول
العربية عام 2009 وفلسطين من اقل معدلات الأمية في العالم وتبلغ حوالي
5.3%، ويقدر عدد الأميين في العالم ﺒ800 مليون.
إن إبعاد المرأة عن العمل هو من
أبرز مظاهر التخلف الاقتصادي والاجتماعي للعالم العربي، ولا يتم تعزيز دور
المرأة إلا من خلال العمل في كافة الميادين، ويبدو أن الثقافة التقليدية في
بعض المجتمعات العربية وقفت أمام مساواة المرأة بالرجل. ويتم تجاوز ذلك من
خلال تطوير المناهج الدراسية ودور وسائل الإعلام المسموعة والمرئية
والمقروءة في العالم العربي، والاهتمام ببرمجة وتوجيه الثقافة لخدمة المرأة
وإبراز دورها في تطوير وتقدم المجتمع.