بلغت موجات الغزو التتاري لأقطار الشرق الإسلامي أوجها باحتلال بغداد عاصمة الخلافة العباسية، وتدميرها وحرق وإغراق كنوز العلوم الإسلامية ومؤلفاتها في مياه نهر دجلة والفرات· وتقدمت جافل جيوشهم بقيادة هولاكو نحو دمشق ودخولها سنة 658هـ الموافق 1259م عندئذ أرسل هولاكو رسالة إلى السلطان المظفر قطز في مصر يهدده فيها ويطلب منه التسليم والخضوع لقادته الذين ارسلهم لتسليم البلاد منه· فعقد السلطان قطز مجلس الشورة وعرض الأمر على القادة والأمراء والعلماء، واتفقوا جميعاً على محاربة التتار والدفاع عن ديار الاسلام· وتم إعلان النفير العام وتوفير الأموال وحشد الجيوش وتعيين قائد عام لها هو الأمير ركن الدين بيبرس البندقداري وسارعت الجيوش بالتقدم نحو الشام لمحاربة التتار هناك· ومثل هذه المبادرة أعطت المسلمين ميزة المفاجئة بالهجوم على عدوهم وإرباك خططه وإفشالها· هذا من ناحية ومن ناحية أخرى قوت الروح المعنوية للمسلمين وجعلتهم يشعرون بالثقة في النصر وبذلك قطعوا منتصف الطريق نحو الفوز على عدوهم·
وفي يوم الجمعة 25 رمضان سنة 658هـ دارت أكبر معركة عرفها التاريخ الأنساني بين الحضارة الإنسانية تحت لواء الأسلام وبين قوات التخلف والهمجية التي كان يمثلها التتار أنذاك· وثبت المسلمون في ميدان المعركة واستطاعوا أن يحققوا النصر· وتراجعت قوات التتار إلى الخلف وبدأت في الانسحاب من الشام ثم واصلت أنسحابها إلى أن عادت متقهقرة ودخل كثير منهم الإسلام(
·
وقد اعترف الكثير من الكتاب الغربين المعاصرين أنه لولا انتصار المسلمين على التتار في عين جالوت لكان هناك شك في أن تبقى الحضارة الأسلامية وتراثها العريق أو تنهض الحضارة الأوروبية الحديثة يقول الله سبحانه وتعالى في محكم أياته:
{حتى إذا استيئس الرسل وظنوا أنهم قد كذبوا جاءهم نصرنا فنجي من نشاء ولايرد بأسنا عن القوم المجرمين· لقد كان في قصصهم عبرة لأولى الألباب ما كان حديثاً يفترى ولكن تصديق الذي بين يديه وتفصيل كل شيء وهدىً ورحمةً لقوم يؤمنون}(يوسف 110-111)·>>> منقول