وفاة الرسول لا شك أن أعظم مصيبة حلت بالمسلمين هي وفاة الرسول صلى الله عليه وسلم، فقد كانت فتنة عظيمة، ومصيبة كبيرة، وبلاء مبين، أظلمت المدينة، وأصاب الحزن والهم والكمد كل شيء فيها، لقد أذهبت المصيبة عقول الأشداء من الرجال، فكيف كان موقف الصحابة والصديق بعد وفاة النبي؟ وما الصعوبات والفتن التي كانت تواجه الصحابة وقتها؟
قصة الخلفاء الراشدين تبدأ قصة الخلفاء بخبر وفاة الرسول الذي أحدث ضجة كبيرة, وصدمة عظيمة لكثير من المسلمين, فكيف تمت مبايعة أبي بكر للخلافة؟ وما المخاطر التي واجهته؟ وكيف كانت الفتوحات في خلافة عمر؟ وكيف اتسعت رقعة الخلافة الإسلامية في عهد عثمان؟ وما أسباب اشتعال الفتنة التي أدت لمقتله؟ وما أحداث الفتنة التي كانت بين علي ومعاوية؟
استخلاف أبي بكر الصديق لا يخفى على أحد فضل أبي بكر الصديق على باقي الصحابة رضي الله عنهم، فهناك الكثير من الأحاديث التي تبين ذلك, وليس من عجب أن يختار المؤمنون أبا بكر الصديق للخلافة بعد رسول الله؛ لأن الصحابة جميعا كانوا يعتبرونه أفضلهم، وأقربهم إلى رسول الله، وأعلاهم منزلة في الدنيا والآخرة، فكيف نرد على الشبهات المثارة بشأن بيعة الصديق
كان اختيار أبي بكر الصديق خليفة بعد رسول الله رحمة بالأمة ومصلحة كبرى لها، وذلك لعدة أسباب, فما هي؟ وما الحكمة في ترك المسلمين دون تصريح من النبي باسم الخليفة؟ وهل كانت الإشارات والمواقف والأحاديث من الرسول فقط لحفظ حق الصديق في الخلافة؟ أم أن مصلحة المسلمين الفعلية تقتضي أن يكون الصديق هو الخليفة؟
عمر بن الخطاب كان عمر بن الخطاب رضي الله عنه حكيما بكل ما تحمل هذه الكلمة من معان، مما جعله مؤهلا لحمل هذه الأمانة العظيمة؛ وهي إدارة الدولة الإسلامية في هذا الوقت من التاريخ الإسلامي العظيم، حيث شهد النظام الإداري نقلة حضارية كبرى في عهد عمر بن الخطاب فما مظاهر التقدم الإداري في عصره؟
عثمان رضي الله عنه عثمان رضي الله تعالى عنه كان فطنًا مجتهدًا، واجتهاداته تنم على رجاحة عقله وفطنته وسعة علمه، ومنها: ترك الوضوء مما مست النار، الإنصات للخطبة يوم الجمعة وإن لم يسمعها، استتابة المرتد، قضاؤه في عبيد الله بن عمر، جناية الأعمى، جناية المقتتليْن على بعضهما، الجناية على الحيوان
كان عثمان بن عفان خليفة مجتهدًا، عالمًا بالآثار، ولذلك كانت له أعمال فقهية واجتهادية منها: كتابة المصحف وجمع القرآن، يقول مصعب بن سعد: أدركت أصحاب رسول الله متوافرين حين جمع عثمان المصاحف، وما رأيت أحدًا منهم عاب ما صنع، وسمعت رجلاً يقول: لقد أحسن
علي بن أبي طالب كان علي بعيد المدى، شديد القوى، يقول فصلا، ويحكم عدلا، يتفجر العلم من جوانبه، وتنطق الحكمة من نواحيه، ويستوحش من الدنيا زهرتها، ويستأنس بالليل ووحشته، وكان غزير العبرة، طويل الفكرة، يعجبه من اللباس ما قصر، ومن الطعام ما خشن، يعظم أهل الدين، ويحب المساكين، لا يطمع القوي في باطله، لا ييأس الضعيف من عدله
لم يأل أمير المؤمنين علي بن أبي طالب رضي الله عنه جهدا في بيان أحكام العبادات للناس، لما يتمتع به من غزارة في العلم، وفقه في الدين، وما بينه للناس من أحكام العبادات يحتاج إلى سفر ضخم، ونشير في مقالنا هذا إلى بعض الأحكام التي تبناها علي رضي الله عنه ونشرها بين الناس لموافقتها سنة الرسول الكريم
*************
الخلافه الامويهالدولة الأموية تبدأ قصتها عندما تأسست سنة 41هـ، بعد تنازل الحسن بن علي لمعاوية بن أبي سفيان عن الخلافة؛ رغبة في حقن دماء المسلمين وتوحيدا لكلمتهم, ولكن لماذا انتشر التحريف والكذب في تاريخ بني أمية؟ وما هي مراحل القوة والضعف عند الأمويين؟ وإلى أي مدى اتسعت رقعة الدولة الإسلامية في عهدهم؟ وما أسباب سقوط الدولة الأموية؟
1-
معاوية بن أبى سفيان بعد استشهاد الإمام علي سنة 40هـ تم الصلح بين معاوية والحسن بن علي سنة 41هـ، حيث تنازل بمقتضاه الحسن عن الخلافة وبويع معاوية، ودخل الكوفة وبايعه الحسن والحسين سنة 41هـ، واستبشر المسلمون بهذه المصالحة، وسموا هذا العام عام الجماعة
تاريخ الصحابة رضوان الله عليهم شابه الكثير من الشبهات والتهم التي أُثيرَت حولهم ـ رضي الله عنهم ـ سواءً من المستشرقين أو المستغربين الذين فُتِنُوا بالغرب وصاروا لسانًا له يروجون أقواله وأفكاره، طاعنين في صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم ورضي الله عنهم اجمعين.. فهؤلاء الطاعنون في صحابة رسول الله إنما يريدون بطعنهم هذا رسول الله صلى الله عليه وسلم ذاته، ولكنه لا يتمكنون من ذلك فيطعنون في أصحابه فإن فسد الأصحاب فسد الرجل، وإن صلح الأصحاب صلح الرجل.. فالطعن في الصحابة طعن في الدين لأن الدين أتانا عن طريقهم كما يقول ابن تيمية ـ رحمه الله ـ (منهاج السنة 1/18).
وفاة معاوية بن أبي سفيان ظلَّ معاوية بن أبي سفيان رضي الله عنه يحكم الشام طيلة عشرين عامًا في خلافة عمر ومن بعده عثمان ومن بعهده علي رضوان الله عليهم، فساسها أحسن سياسة، وقام على رعايتها على أفضل ما يكون، ثم تولى الخلافة عشرين عامًا شهد له فيها الصديق والعدو بالمهارة والعبقرية والذكاء والعظمة، حتى أتى أجل الله والخلافة الأموية أعظم دولة في العالم
2-
ولاية العهد ليزيد بن معاوية ن تعدد طرق اختيار الخليفة جاء دائمًا محكومًا برضا أهل الحل والعقد من قادة المسلمين وذوي الرأي والتأثير فيهم، وهذا الرضا كان يعني بطبيعة الحال استيفاء المرشح للخلافة شروطها، وتميزه عمَّن سواه في هذا الصدد، كما يعني ضمان رضاء الأمة تبعًا لرضا قادتها من أهل الحل والعقد
الحسين بن علي وطلب الخلافة لم يُبايع الحسين بن علي رضي الله عنه يزيد بن معاوية، فلقد وجد أن الأمر لم يرجع إلى نصابه؛ حيث الرجوع إلى رأي الأمة عن طريق الشورى، ولذلك وجد الحسين رضي_ الله عنه الفرصة سانحة أمامه حينما راسله أهل الكوفة وبايعوه على السمع والطاعة وخلع يزيد بن معاوية، فدفعه ذلك إلى إرجاع الأمر كما كان من قبل حيث الخلافة الراشدة
يزيد ومقتل الإمام الحسين يُلقي بعض المؤرخين بالقسط الأكبر من المسئولية عن قتل الحسين على ابن زياد، أما البعض الآخر فيلقي بها على الخليفة يزيد بن معاوية، وحُجتهم في ذلك أنه ولي الأمر، ولا يمكن أن يقوم عامله بمثل ذلك العمل الخطير دون إذنه، أو بغير علمه وإرادته
3-
استخلاف معاوية بن يزيد وتنازله توفي يزيد بن معاوية في ظل أحداث عصيبة حيث وقعة الحرة ومن بعدها حصار الجيش الأموي لمكة، بعدما خلع عبد الله بن الزبير الطاعة لبني أمية، وفي هذه الظروف المتشابكة تولى شاب صغير ورع قيادة الخلافة الإسلامية هو معاوية بن يزيد، الذي سرعان ما ذاق مرارتها ومن ثم أعلن تنازله عنها
4-
خلافة عبد الملك بن مروان بعد وفاة معاوية بن يزيد اضطرب أمر بني أمية اضطرابًا شديدًا، وكادت دولتهم أن تذهب لولا أن تداركوا أمرهم فيما بينهم، وعندئذ احتفظوا بدولتهم وهو ما جعل عبد الله بن الزبير رضي الله عنهما يعلن تنصيب نفسه خليفة في مكة، وبدأت البيعة تأتيه من سائر الأقاليم حتى من بلاد الشام ذاتها مركز ثقل الأمويين
تسلم عبد الملك بن مروان بن الحكم حكم الخلافة الإسلامية بعهد من أبيه، بيد أنه تسلمها والدولة تعصف بها رياح الفتن والاضطرابات والانقسامات؛ فعبد الله بن الزبير يسيطر على الحجاز والعراق ومصر، وعبد الملك لا يملك من أمره إلا بلاد الشام، ومع ذلك استطاع أن يوحد الدولة من جديد
5-
خلافة الوليد بن عبد الملك تولى الوليد بن عبد الملك حكم الخلافة الإسلامية، والدولة ممهدة قيادتها، موحدة تحت لواء واحد، فاهتم بأحوال الدولة وتنميتها داخليا وخارجيا، فكثر العمران في عهده، وزادت حركة الفتوحات الإسلامية في عصره، وما زالت آثار دولته قائمة حتى عصرنا هذا في المسجد الأموي بدمشق، وقبة الصخرة بالقدس
6-
خلافة سليمان بن عبد الملك يعد سليمان بن عبد الملك من أفضل خلفاء بني أمية، فلقد حرص والده على تربيته تربية عالية، وتعليمه أصول الحكم، كما كانت أخلاقه مضربا للأمثال، ولذلك كانت بطانته من العلماء والحكماء والصالحين، أمثال رجاء بن حيوة وعمر بن عبد العزيز وغيرهما
7-
عمر بن عبد العزيز والإمارة توَّج سليمان بن عبد الملك أعماله الصالحة بتولية
عمر بن عبد العزيز الخلافة من بعده ما توسمه فيه من الصلاح والتقوى والميل إلى العدل.
والحق أن عمر لم يكن راغبًا في الخلافة، فيُروى أن عمر بن عبد العزيز بعد أن فرغ من دفن سليمان بن عبد الملك صعد المنبر، واجتمع الناس فقال: "أيها الناس، إني قد ابتليت بهذا الأمر عن غير رأي كان مني فيه، ولا طِلْبةَ له، ولا مشورة من المسلمين، وإني قد خلعت ما في أعناقكم من بيعتي فاختاروا لأنفسكم. فصاح الناس صيحة واحدة: قد اخترناك يا أمير المؤمنين، ورضينا بك، فتولَّ أمرنا باليُمنِ والبركة. فلما رأى الأصوات قد هدأت، ورضي به الناس جميعًا، حمد الله وأثنى عليه وصلى على النبي
وقال:" أوصيكم بتقوى الله؛ فإن تقوى الله خلف كل شيء، وليس من تقوى الله
خلف، واعملوا لآخرتكم فإنه من عمل لآخرته كفاه الله تبارك وتعالى أمر دنياه... ثم رفع صوته حتى أسمع الناس فقال: يا أيها الناس، من أطاع الله وجبت طاعتُه، ومن عصى الله فلا طاعة له، أطيعوني ما أطعت الله، فإذا عصيت الله فلا طاعة لي عليكم".
ارتأى البيت الأموي بداية من عبد الملك بن مروان أن عمر بن عبد العزيز جدير بالإمارة، وقادر على تحمل المسئولية، ثم ما لبث الوليد بن عبد الملك أن أقر ابن عمه عمر بن عبد العزيز على ولاية المدينة المنورة وذلك في عام 87هـ، وما تولية عمر لهذه الولاية المهمة إلا دليل على المكانة السامقة التي تمتع بها حينئذ
لقد اجتمع علماء الأمة على أن مجدد القرن الأول الهجري هو عمر بن عبد العزيز بن مروان، بل جعلوه من جملة الخلفاء الراشدين الذين ملئوا الأرض عدلاً وقسطًا، ولقد كان عمر رحمه الله جديرًا بهذه المنزلة التي نالها، فتربيته العالية، ونشأته الإسلامية الخالصة، وسيره مع الصالحين وعلى دربهم جعله إمام صدق وعدل
لم تطل حياة عمر بن عبد العزيز طويلاً فقد اختطفته يد المَنُون ولم يتجاوز الأربعين من عمره، ويبدو أن انهماكه في أمور المسلمين ومتابعة السهر والعمل في شئون الدولة، وعدم اهتمامه بأمر طعامه وشرابه، قد أثَّر على صحته فلم يعد جسمه يقوى على المقاومة والاحتمال.
وأما ما يرويه بعض المؤرخين من أن بعض بني أمية دَسَّ له السم فهذا أمر لم يقمْ عليه دليل، ويبدو أن هذا لم يكن سوى شائعة من تلك الشائعات التي رَوَّجَ لها أعداء بني أمية، فقد اتهموا معاوية t بأنه دس السم للحسن بن علي وللأشتر النخعي، ولعبد الرحمن بن خالد بن الوليد، وأن سليمان بن عبد الملك صنع هذا أيضًا مع أبي هاشم بن محمد بن الحنفية.
على أية حال توفي عمر بن عبد العزيز في شهر رجب سنة 101هـ، وكانت وفاته بدير سمعان من أعمال حمص، وتولى الخلافة بعده ابن عمه يزيد بن عبد الملك.
8- يزيد بن عبد الملك
بويع له بالخلافة بعد عمر بن عبد العزيز في رجب سنة إحدى ومائة، بعهد من أخيه سُليمان بن عبد الملك، على أن يكون الخليفة بعد عمر بن عبد العزيز.
يزيد بن الوليد بن عبد الملك بن مروان بن الحكم، وأمه شاه آفريز بنت فيروز بن يزدجرد، آخر ملوك الفرس، وكان يجمع في أصوله بين الدم العربي والفارسي، والرومي والتركي، فجده لأبيه عبد الملك بن مروان، وهو عربي، وجده لأمه فيروز بن يزدجرد وهو فارسي
سار يزيد بن عبد الملك في بادية حكمه بسيرة عمر بن عبد العزيز، إلا أنه لم يستطع المواصلة، قال عنه الذهبي: وكان لا يصلح للإمامة، مصروف الهمة إلى اللهو والغواني، وقال عنه
ابن كثير: فما كان به بأس، لكن الواضح أن درايته السياسية وكفاءته الإدارية، لم تكن تؤهله لملء مكانه، وقيادة الدولة أو تحقيق العظيم من المنجزات، والفريد من السياسات التي تلفت إليها الأنظار، فكان يزيد حاكمًا عاديًا ليس سياسيًا مقتدرًا كمعاوية، أو إداريًا ناجحًا كعبد الملك، أو مصلحًا كعمر، كما لم يكن مسيئًا كابنه الوليد بن يزيد، ويمكن القول إن توليته الخلافة بعد عمر بن عبد العزيز جعل المفارقة بينه وبين عمر واضحة وكبيرة، وأدت إلى عتامة صورته لدى جمهرة المسلمين.
وكان بإمكان يزيد أن يسير على نهج تجربة عمر بن عبد العزيز، ويعطي العلماء دورهم القيادي المنوط بهم كما كانوا في عهده، إلا أن العلماء تراجعوا إلى حَدٍّ كبير، وحُرِمت الأمة من تجربة ناجحة تنفست بها الصعداء، وأطلت من خلالها على عهد الخلفاء الراشدين y، ولعل هذا التراجع الذي حدث لمشاركة العلماء في عهد يزيد يرجع إلى عدة عوامل أهمها:
قيل إن يزيد مرض بالسل ومات يوم الجمعة لخمس بقين من شعبان سنة 105هـ بسواد الأردن، وقيل: إنه مات بالجولان، وقيل: بحوران، وصلَّى عليه ابنه الوليد بن يزيد، وقيل: صلَّى عليه أخوه هشام بن عبد الملك وهو الخليفة من بعده، وحمل على أعناق الرجال حتى دُفِنَ بين باب الجابية وباب الصغير بدمشق، وكان قد عهد بالأمر من بعده لأخيه هشام ومن بعده لولده.
لنا بقيه باذن الله
9-خلافة هشام بن عبد الملك هو هشام بن
عبد الملك بن مروان بن الحكم بن أبي العاص بن أمية بن عبد شمس أبو الوليد القرشي الأموي الدمشقي أمير المؤمنين، وأمه أم هشام بنت هشام بن إسماعيل المخزومي.
وُلِدَ هشام بن عبد الملك -على القول الراجح- سنة 72هـ، وسمَّاه عبد الملك منصورًا لانتصاره على مصعب في تلك السنة.
قضى هشام الشطر الأخير من طفولته في منزل الخلافة الأموي بالشام في أواخر حكم أبيه وإخوته من الخلفاء وكان مغمورًا في البلاط الأموي زمن أخويه الوليد وسليمان، وقد بقي بعيدًا عن مسرح الأحداث نسبيًّا حتى توليه الخلافة سن 105هـ، وهو الرابع من ولد عبد الملك لصلبه الذين ولوا الخلافة.
وُصِفَ بالبخل وجمع المال، قال الجاحظ: كان هشام يقول: ضع الدرهم على الدرهم يكون مالاً. ويبدو أن السبب في هذا الوصف شدة مراقبته للمال العام، فقد كان شديد المحاسبة للمشرفين على الديوان، وحريصًا على مال المسلمين، ولذلك وصفه الشعراء والكُتَّاب بالبخل؛ لأن الشعراء اعتادوا الهبات الكبيرة من ملوك بني أمية.
خلافتهتولى هشام بن عبد الملك الخلافة بعهد من أخيه يزيد سنة 105هـ، وكان هشام يُعَدُّ من ساسة بني أمية المشهورين، كان شديد المراقبة لعماله ودواوينه، وقد شهد له بجدارته أحد خصومه، فقال عبد الله بن علي بن العباس: جمعت دواوين بني مروان فلم أَرَ ديوانًا أصح ولا أصلح للعامة والسلطان من ديوان هشام.
وفاة هشام بن عبد الملكتُوُفِّي هشام بن عبد الملك يوم الأربعاء من شهر ربيع الآخر سنة 125هـ.
خلافة الوليد بن يزيد بن عبد الملك10-بعد وفاة
هشام بن عبد الملك عام 125هـ بدأت عوامل الضعف تسري في جسد
الدولة الأموية، وبدأت الدولة تسير في منحدر الهاوية، وبدأت شمس الدولة في الأفول، فبوفاة هشام بن عبد الملك بدأت الاضطرابات والفتن والقلاقل تظهر على مسرح الأحداث في الدولة الأموية، واستمر الأمر كذلك نحوًا من سبع سنوات بعد وفاة هشام بن عبد الملك حتى سقطت الدولة الأموية وقامت
الخلافة العباسية..
الوليد بن يزيد بن عبد الملك (125- 126هـ)هو الوليد بن يزيد بن عبد الملك بن مروان بن الحكم، أبو العباس الأموي الدمشقي وُلِدَ سنة 90هـ، ولم يتمكن أبوه من استخلافه لصغر سنه فعقد لأخيه هشام، وجعل الوليد وليًّا للعهد بعد هشام، كانت له ألقاب عدة: فلُقِّبَ بالبيطار، ولقب بخليع بني مروان والفاتك، وأمه أم الحجاج بنت محمد الثقفية.
بويع له بالخلافة وهو بدمشق بعد وفاة عمه هشام، وقد اختلفت الأقوال فيه، وتضاربت فمن قائل يقول عنه مثل العصامي: "كان أكمل بني أمية أدبًا وفصاحة، وأعرفهم باللغة والحديث، وكان جوادًا مفضالاًَ "، ثم يناقض "العصامي" نفسه قائلاً: "ولم يكن في بني أمية أكثر منه إدمانًا للشُّربِ والسماع، ولا أشد مجونًا وتهتكًا منه واستخفافًا بالدين وأمر الأمة"، بينما يقول عنه
السيوطي: "...كان فاسقًا شريبًا للخمر، منتهكًا حرمات الله".
والقارئ يُصاب بالحيرة جَرّاء هذا التناقض؛ فبعض المصادر بالغت في وصف سلوكه السيئ، في حين نفت بعض المصادر الأخرى ذلك عنه، ووصفته بالخليفة المجمَع عليه.