تتعدد وتتنوع الأخطاء التي يرتكبها البشر بحق الطبيعة، من تدمير غابات إلى إبادة مخلوقات، غير أن دورهم في اختلال التوازن البيئي الدقيق وصل إلى مرحلة نقلوا خلالها طابعهم التدميري إلى مخلوقات أخرى عندما حملوها إلى مواضع غير تلك التي اعتادت عليها.
فمن جهة تبرز تجربة نقل ضفدع الخيزران، الذي يقطن في الأصل وسط وجنوبي أمريكا اللاتينية إلى استراليا، لقتل أنواع من الخنافس والجعلان التي كانت تدمر محصول قصب السكر في المناطق الشمالية.
غير أن تلك الضفادع التي تبيض بسرعة هائلة (بين ثمانية إلى 30 ألف بيضة في كل مرة) لم تُظهر اهتماماً بالخنافس الاسترالية، ومضت لتقتات على جميع أنواع الحشرات الأخرى، لتسبب دماراً بيئياً واسعاً في بيئة ليس فيها ما يهددها من أعداء طبيعيين.
وما يزيد المأزق صعوبة هو أن ضفادع الخيزران تملك في جسمها مستويات عالية من السموم ليس لها نظير في عالم الحيوان، ما يتسبب بوفاة كل المخلوقات التي تحاول أكلها بنوبات قلبية، ويأتي على رأس قائمة المفترسين غير المحظوظين التمساح الاسترالي، حيث تؤكد جامعة سيدني أن أعداده تراجعت 77 في المائة ببعض المناطق
أما تجربة البشر مع النمس الهندي الصغير، فقد تكون مغايرة تماماً، حيث يتضح أن بعض المخلوقات متفانية أكثر من اللازم في أداء عملها. فقد جرى جلب هذا المخلوق عام 1883 إلى هاواي وبعض الجزر المحيطة فيها عام 1883 للاستفادة من "شراسته وضراوته" في القضاء على الفئران التي تضر بحقول القصب.
لكن الكارثة ظهرت عندما اتضح أن النمس، وهو مخلوق نهاري، لا يمكن له التصدي للفئران التي لا تخرج إلا في الليل، الأمر الذي جعله يقضي جل وقته في افتراس كائنات أخرى، وفي مقدمتها الزواحف والطيور التي تبني أعشاشها على الأرض.
ويحمل العلماء النمس الهندي حالياً مسؤولية إفناء سبعة أنواع من الزواحف في جزر الهند الغريبة، إلى جانب نوع من السحالي وآخر من الأفاعي وأنواع من الطيور في جامايكا.
ويقودنا هذا إلى التجربة المأساوية الثالثة، وهي جلب الدوري الإنجليزي إلى الولايات المتحدة. فقد جرى إدخال هذا الطائر إلى العالم الجديد عام 1850 بهدف حماية الأشجار من الديدان، غير أن شهية هذه الطائرة المفتوحة جعلته يوزع أهدافه بين كافة المحاصيل الزراعية.
إذ يمكنه أن يأكل القمح والذرة والخضار والفاكهة، كما أن طباعه العدائية جعلته يطرد أنواع معينة من الطيور خارج مواقع سكنها الأصلية، ويمكن لجسمه حمل ونقل 27 مرضاً خطيراً على البشر والماشية.
لكن "الطمع" غلب الثعلب الإنجليزي، فاندفع يقتات على أنواع أخرى من الثدييات الصغيرة الحجم، إذ يعتقد أن استراليا شهدت خلال السنوات الماضية انقراض عشرات الأنواع بسبب شهيته