قالت صحيفة "نيويورك تايمز" الأمريكية أن شكوك المصريين المستمرة حول شبهات الفساد وسوء الإدارة التي تشوب الصفقة المتكتم عليها بين مصر وإسرائيل لبيع الغاز الطبيعي لتل أبيب قد دفعت النائب العام المصري الى تجديد حبس الرئيس السابق حسني مبارك 15 يوما للتحقيق معه حول هذه الصفقة.
وذكرت الصحيفة - في تقرير أوردته اليوم على موقعها الالكتروني - أن اعلان تجديد حبس مبارك جاء بعد الاعلان عن حبس وزير البترول السابق سامح فهمي وخمسة من كبار المسئولين للتحقيق معهم حول الصفقة نفسها.
وأوضحت الصحيفة أن بيع الغاز المصري لإسرائيل كان ولايزال يلقي رفضا جماهيريا بين المصريين منذ فتح خط انابيب الغاز بين الدولتين عام 2008 ، غير أن الصفقة - التي مثلت أحد أسباب انطلاق احتجاجات ميدان التحرير في يناير السابق - كانت تحت أعلى مستويات الحماية من قبل نظام الرئيس مبارك السابق الى أن غادر مكتبه .
وأشارت الصحيفة الي أن حسين سالم - صديق مبارك المقرب - كان المساهم الرئيسي في الشركة الخاصة التي تتوسط في تنفيذ الصفقة ، كما كشف بعض المسئولين بعد انهيار النظام السابق أن جهاز المخابرات أيضا كان له نصيب منها.
وترتيبا علي ذلك ، أعلن مكتب النائب العام في بيان له بأن مبارك سيخضع للتحقيق بتهمة بيع الغاز المصري لإسرائيل بأسعار مخفضة "مما أضر بمصالح الدولة" ، مشيرة الي تصريح النائب العام نفسه بأن مصر خسرت ما يزيد عن 714 مليون دولار بسبب هذه الصفقة.
ومضت صحيفة نيويورك تايمز - في تقريرها الذي أوردته اليوم على موقعها الالكتروني - إلي القول بانه وعلي الرغم من سقوط الحماية التي فرضها نظام مبارك على الصفقة ، الا انها لاتزال تبرز كورقة اختبار للعلاقات بين القاهرة وتل أبيب في عصر ما بعد مبارك.
وأضافت أن الكثير من الأسئلة حامت حول صفقة الغاز منذ بدايتها ، وتحديدا منذ أن تسلم حسين سالم وشريكه الاسرائيلي يوسي ميمان مهمة الوساطة بين الطرفين المصري والاسرائيلي لإتمامها .
غير أن الاتهام الرئيسي الموجه للقائمين على الصفقة في مصر هو حصول الشريكين على الغاز مقابل أسعار تفضيلية مميزة عن الأسعار الرائجة في السوق الدولي ، وذلك بموافقة الحكومة المصرية التي قطعت امدادات الغاز عن المستهلك المحلي لاستيفاء بنود الصفقة مع تل أبيب ، ثم قيام الشريكين بعدها ببيع الغاز بسعر مرتفع للمشتري الاسرائيلي وجني الأرباح الناتجة عن فروق الأسعار.
ورغم أن تفاصيل الصفقة لم تخرج للعلن حتى الآن ، الا أن المسئولين المصريين الذين عاصروا الصفقة وتطوراتها أثناء توليهم مناصب هامة في عهد النظام السابق تحدثوا عن بعض تفاصيلها مع مراعاة عدم الإفصاح عن هوياتهم ، حيث أشاروا الى أن بنود الصفقة كانت تنص على بيع الغاز الطبيعي للشريك المصري - شركة غاز شرق المتوسط - مقابل 25ر1 دولار لكل مليون وحدة حرارية ، ثم أعيد التفاوض بشأن السعر عام 2008 ليصل الطرفان الى اتفاق البيع مقابل 4 دولارات لكل مليون وحدة حرارية، وفي كل الأحوال يترك للشركة حق تحديد الأسعار التي تقوم على أساسها ببيع الغاز للمشتري الاسرائيلي.
ويشار في هذا الصدد أنه لا يوجد سعر بيع متعارف عليه دوليا للغاز الطبيعي ، غير أنه بالرجوع الى بعض الصفقات التي تعقد مع دول البحر المتوسط لتصدير الغاز الطبيعي لها وجد أن دولا مثل تركيا واليونان وإيطاليا تقوم بشراء الغاز بمقابل يتراوح بين 7 و10 دولارات لكل مليون وحدة حرارية.
يذكر أن تصدير الغاز المصري لإسرائيل لم يعد حتى الآن لمساره الطبيعي منذ أن ضرب انفجار خط أنابيب الغاز الذي يمد اسرائيل بنحو 40 \% من احتياجاتها في سيناء خلال شهر فبراير الماضي.