''يوماً فارقاً في التاريخ المصري يرسي عهداً جديداً يقوم على سيادة القانون ومبادئ المحاسبة والمساواة والعدالة''.. هكذا قال خبراء قانون في تعقيبهم على قرار النيابة العامة، فجر الأربعاء، بحبس الرئيس السابق حسني مبارك، ونجليه علاء وجمال - 15 يوماً على ذمة التحقيق- في اتهامات تتعلق بالتحريض على الاعتداء على المتظاهرين وقتل بعضهم أثناء ثورة 25 يناير.
فمن جانبه أوضح الدكتور شوقي السيد، أستاذ القانون الجنائي ورئيس اللجنة التشريعية بمجلس الشورى سابقاً، أن جريمة القتل المتعمد - سواء كان المتهم فيها محرضاً أو شريكاً أو فاعلاً أصيلاً - عقوبتها الإعدام حال إدانة هذا المتهم بعد تقدمه بالدفاع أمام النيابة عند التحقيق والمحكمة عند الإحالة، مؤكداً أن ما شهده ميدان التحرير وغيره من ميادين مصر جريمة قتل عمداً؛ عقوبتها الإعدام.
وعن مطالبة البعض بأن تكون المحاكمة عسكرية سريعة أو ثورية شعبية، أشار السيد إلى أن المجلس الأعلى للقوات المسلحة انحاز منذ توليه مسئولية إدارة البلاد إلى الشرعية الدستورية معلناً مبادئ حقوق الإنسان المتعارف عليها دولياً ومنها حق الدفاع للمتهم والمحاكمة المدنية العادلة.
وأضاف السيد أن العدالة في المحاسبة وحق المتهم في الدفاع فضلاً عن كونها مبادئ ملزمة في المواثيق الدولية التي تخضع مصر لها، هي مبادئ ترثي عهداً مصرياً جديداً يقوم على النزاهة والشفافية في المحاسبة وسيادة القانون ومساواته بين كل أفراد المجتمع، مضيفاً: ''المحاكم الاستثنائية التي تفتقد لحد كبير من العدل؛ لن تخلق نظاماً ديمقراطياً''.
الأمر ذاته أكد عليه المستشار بهاء الدين أبو شقة، عضو الهيئة العليا بحزب الوفد، الذي رفض محاكمة أياً من رموز النظام البائد أمام محاكم استثنائية شعبية أو عسكرية حفاظاً على نزاهة الثورة ، قائلاً: المحاكمات الاستثنائية تتعارض مع الديمقراطية وحقوق الإنسان، ولا ينبغي أن نطالب بما تأذى منه المجتمع لأعوامٍ طويلة''.
وحول ما انتقده الكثيرون من تباطؤ المجلس العسكري في محاسبة الرئيس السابق وأفراد أسرته ورموز نظامه الذي أسقطته الثورة، أرجع أبو شقة الأمر إلى تشعب الاتهامات وكثرة البلاغات التي تجاوزت ألف بلاغ، قائلاً: ''العمل شاق جداً على النيابة العامة التي كانت في حاجة لإنشاء ملف كامل يضم كافة الاتهامات بالأدلة والقرائن لتوجيها إلى الرئيس السابق وأسرته وكبار المسئولين بالنظام البائد''.
يذكر أن المستشار بهاء الدين أبو شقة قد أعلن في وقتٍ سابق في بيانٍ رسمي – حصل مصراوي على نسخة منه- رفضه الدفاع عن أفراد نظام ما قبل الثورة بدايةً بالرئيس السابق وأسرته وكبار المسئولين، وذلك انحيازاً منه لثورة 25 يناير وإيماناً بحقوق الشعب المصري.
ومن ناحيته اعتبر المحامي صبحي صالح، القيادي بجماعة الإخوان المسلمين وأحد أعضاء اللجنة الدستورية السابقة التي قامت بتعديل الدستور، أن قرار حبس مبارك ونجليه بمثابة نجاح حقيقي لثورة 25 يناير وحفاظ عليها مما يثار عن وجود ثورة مضادة تحاول تفتيت مكتسبات الثورة الحقيقية، مضيفاً: ''هذا القرار سيصبح علامة فارقة في التاريخ المصري''.
وحول تشكك البعض من تحقيقات النيابة وأن يكون قرار النائب محاولة لامتصاص غضب الشعب، أبدى صالح ثقته الكبيرة في المجلس الأعلى للقوات المسلحة وكذلك القضاء المصري، نافياً أية شبهة للتواطؤ أو نية لتسكين المجتمع وتهدئة الثوار.
وقال صالح أن الثورة المصرية أدخلت مصر لعصرٍ جديد يقوم على سيادة للقانون والعدالة الحقيقية، متابعاً: ''قرار حبس مبارك ونجليه هو بوابة هذا العهد''، معتبراً أن القرار بمثابة رسالة حاسمة للرئيس المصري القادم مفاداها: ''العدل أساس الحكم، والشعب فوق الرئيس''.