[url=http://profile.live.com/badge?url=http%3a%2f%2fwww.masrawy.com%2fNews%2fWriters%2fGeneral%2f2011%2fMarch%2f21%2fdestor.aspx&title=%d8%a7%d9%84%d8%aa%d8%b9%d8%af%d9%8a%d9%84%d8%a7%d8%aa+%d8%a7%d9%84%d8%af%d8%b3%d8%aa%d9%88%d8%b1%d9%8a%d8%a9+%d9%88%d8%a7%d9%84%d8%a3%d8%ba%d9%84%d8%a8%d9%8a%d8%a9+%d8%a7%d9%84%d9%85%d8%ae%d8%af%d9%88%d8%b9%d8%a9&description=لا نريدها ليبرالية ولا ديمقراطية ولا علمانية ولا اشتراكية ولا قومية ولا عربية وإنما نريدها إسلامية.. ما هي إلا أسماء سميتموها أنتم وأباءكم.. فمن أجل الإسلام قولوا نعم للتعديلات الدستورية &screenshot=http://productnews.link.net/general/News/18-03-2011/5_m370.jpg][/url]
لا نريدها ليبرالية ولا ديمقراطية ولا علمانية ولا اشتراكية ولا قومية ولا عربية وإنما نريدها إسلامية.. ما هي إلا أسماء سميتموها أنتم وأباءكم.. فمن أجل الإسلام قولوا نعم للتعديلات الدستورية.. تلك الكلمات لم تكن أحد المشاهد السينمائية إنما نقل واقعي من داخل أحد المساجد الموجودة في قلب احدى قرى محافظة المنوفية، أثناء خطبة الجمعة التي سبقت يوم الاستفتاء، نقلا عن شيخ المسجد، الذي يعد أحد أقطاب الدعوة السلفية بالقرية.
تلك الكلمات جاءت في إطار دعوة الشيخ المبجل لتجهيز الحشود من أجل تأييد التعديلات الدستورية، ولا أنكر أن كلمات الشيخ نزلت على رأسي كالصاعقة، ودبت في قلبي الخوف، ليس من نعم للتعديلات الدستورية، وإنما من خطورة استغلال منابر المساجد لقول كلمات حق يراد بها باطل، والتلاعب بمشاعر البسطاء وتخويفهم باسم الدين لاتخاذ موقف سياسي الدين منه برئ، فلا اعتقد وليس لدي شك في أن الإسلام لا يمانع في رفض التعديلات ولا يؤيدها لأنه بلا جدال قياس في غير محله.
على الجانب الآخر من الصورة، اتفقت الكنائس المصرية الأربعة الأرثوذكس والكاثوليك والبروتستانت والمعمدانية على رفض التعديلات الدستورية، ووزعت منشورات تحث الأقباط على المشاركة في الاستفتاء ورفض التعديلات.
الخوف الذي انتابني جاء من اكتشافي لمفعول الخطاب الديني الذي نزل على أهل مصر كالسحر، وجعلهم يشعرون بوجوب المشاركة في الاستفتاء من أجل نصرة الدين، هو نفس ما انطبق على الأخوة الأقباط الذين تحرك غالبتهم بدوافع دينية لرفض التعديلات.
وبات أمر الاستفتاء بين سواد الشعب هو حرب مقدسة إما من جل نصرة الإسلام بحجة الحفاظ على المادة الثانية للدستور، أو بدوافع قبطية لتعديلها، برغم أن المادة الثانية لم تكن مطروحة أصلا للاستفتاء عليها، ولا أعتقد انها ستمس في الدستور الجديد الذي سيتم وضعه في كل الأحوال.
نجح المتسترون خلف ستار الدين مسلمين وأقباط في استخدام فزاعة المادة الثانية وحشد السواد الأعظم من أبناء الشعب، وكنت في البداية اعتقد انهم نجحوا في السيطرة على أهلنا في القرى من البسطاء فقط، ولكن المشاهد على الأرض ونتائج الصناديق تؤكد أنهم نجحوا في ترويع فئات عريضة من الشعب سواء في القرى أو المدن وسواء كانوا من الأميين أو المتعلمين أو حتى المثقفين.
مشكلتي الحقيقية ليست في تأييد التعديلات أو الرفض، فكلاهما مقبول، فإن سارت الأمور على طبيعتها من المفترض أن يؤديان بالبلاد إلى نفس النتائج وإن اختلفت الطرق والتوقيتات، فلم تكن هناك أفضلية مطلقة للتأييد، ولا أفضلية كاسحة للرفض، وإنما المشكلة تكمن في استخدام الدين في غير محله والتلاعب بمشاعر البسطاء، وتخويف جناحي الأمة كل منهما من الآخر، وخلق حالة من التحفز والتخوين التي لا يعلم عاقبتها إلا الله.
كنت أتمنى أن يخرج علينا الواقفين خلف ستار الدين بحجج للتأييد أو الرفض غير التلاعب بإسم الدين، وكنت آمل أن تكون أغلبية التأييد نابعة عن قصد حقيقي وليست أغلبية مخدوعة، وكنت أتمنى أن يبتعد الإسلاميين بدعواهم السياسية للتأييد عن منابر المساجد، حتى لا تحدث ما اعتبرها كارثة حقيقية والتي وقعت باستغلالهم للمنابر في تحقيق أغراض سياسية الدين منها على حياد، وكذا أن ينأى رجال الكنيسة بأنفسهم من الوقوع في ذلك الفخ.
انتهى الدرس الأول وقال الشعب كلمته حتى وإن كانت أغلبية باستغلال أساليب قد تكون خداعة، ولكن يجب علينا أن نحترم إرادة الأغلبية، وأن نعي الدرس ونعترف أن الإعلام والمثقفين وقادة الرأي لم ينجحوا في تعريف الناس وتوعيتهم بشكل واضح بماهية التعديلات وكيفية اتخاذ القرار بشكل ديمقراطي ، ونوقن أن الخطاب الديني مازال له قدسيته وتأثيره، وعلينا الآن أن نستفيد من أخطاء الاستفتاء سواء في التوعية أو التطبيق للاستعداد لتجربة نرجوها أكثر نضجا في انتخابات البرلمان والرئاسة القادمتين.
ولا يفوتني أن أحيي وبشدة جموع تلك الشعب التي خرجت للتعبير عن رأيها والتمسك بحقها في إيصال صوتها مع اختلاف دوافع كل منهم سواء في الرفض أو التأييد، وهو ما أثبت أنه بقليل من التوعية والتثقيف في المرحلة المقبلة يمكننا أن نصنع تجربة ديمقراطية نستحقها، ونقدمها نموذجا للعالم كي يتعلم منها، ودوما تحية لدماء شهداء الثورة الذي غيروا وجه حاضر ومستقبل مصر والمصريين.