يحيى الجمل: هناك أصابع إسرائيلية وراء ما يحدث فى مصر .. رفض الأغلبية للتعديلات يعنى سقوطها.. مؤسسة الفساد فى النظام السابق كانت الأقوى وطرقت أبواب الجامعات والقضاء
صرح الدكتور يحيى الجمل، نائب رئيس مجلس الوزراء، أن الانقسام حول التعديلات الدستورية له مبرراته، ولكن لابد من العبور من هذه المرحلة الانتقالية، مؤكدا أن إعداد دستور جديد الآن ليس من الصعب، والتجارب العالمية متاحة، ولكنه يحتاج إلى وقت وتأنى، حيث يستلزم ثلاثة أشهر، وما يعيق إعداده هو المظاهرات الفئوية والمشكلات الجسام التى تواجهها الحكومة الآن ولا تتيح وقت لوضعه.
وأكد الدكتور يحيى الجمل فى حواره مع الإعلامى خيرى رمضان ببرنامج مصر النهارده، أن على الشعب أن يعمل أولاً ثم يعرض مطالبه، لأن الأزمة لن تدار بهذه الطريقة التى ينصب فيها مولد كل يوم أمام مجلس الوزراء، هاتفين "1-2 شرف فين"، وهذا لا يليق لأن الانفلات لن يبنى بلداً ومصر لم تمر بهذه المرحلة الحرجة منذ أيام محمد على، مشيراً إلى أن شباب الثورة فتحوا باباً للديمقراطية لابد من الحفاظ عليه.
وعن التعديلات الدستورية، أكد الدكتور يحى الجمل أن المادة 76 تعد خطيئة دستورية منذ نشأتها، ولابد من نسفها، لأنها فى النص القديم كانت تقول لن يترشح للرئاسة سوى شخص معين، ولكن تعديلها فتح الباب أمام مئات الآلاف للترشح، مشيراً إلى أن التعديلات تواجه مرحلة انتقالية وليست ترقيعاً كما يشاع، وتعد جسراً للمرحلة القادمة، مؤكداً على تصويته بالموافقة عليها، داعيا الشعب للاستفتاء بما شاء، لأن صوته سيفرق، ولن يضاف إليه أو ينتقص منه، مضيفاً أنه فى حالة رفض الأغلبية للتعديلات الدستورية ستسقط ويأتى إعلان دستورى يضعه المجلس الأعلى للقوات المسلحة يحدد المبادئ العامة، ويحكم المرحلة الانتقالية حتى وضع دستور جديد.
وأبدى نائب رئيس الوزراء تحفظه على بعض شروط الترشح للرئاسة، فيما يتعلق بجنسية زوجة الرئيس، مطالباً أن تكون هناك فرصة للمتزوج من عربية، لأن الدستور ينص على أن مصر جزء من الأمة العربية، ولأن الخلافات بين الدول العربية لا تؤثر على الحكم، رافضاً الأجنبية، لأنها ستكون خطراً على الأمن القومى.
وعن شرط ازدواجية الجنسية قال الجمل: "الحقوق الدستورية لا تمنع أو تمنح قياساً، ولكن بنص ولا يرضينى أن يكون رئيس الجمهورية مزدوج الجنسية حتى لو تنازل عنها"، معلنا موافقته على المجموع الكلى للمواد المعدلة للعبور من هذه المرحلة.
وفسر الجمل ما يحدث على الساحة المصرية من أزمات الآن على أنه ثورة مضادة، لأن ما حدث منذ الثورة حتى الآن، وخاصة يوم 28 يناير لم يكن ارتجالاً، وإنما كانت منظمة ومدبرة ووراءه فلول النظام البائد، وخاصة الحزب الوطنى الذى كان يسيطر على كل شىء بإقصاء الناس جميعا عن كل شىء، والاستئثار بها لنفسه، وبعض رجال الأعمال الفاسدين، الذين قاموا بتمويل معركة "الخنازير"، وليس الجمال أما الفتنة الطائفية فوراءها بعض العقول المظلمة من المسلمين والأقباط التى لا تفهم حقيقة أو جوهر الدين.
وقال الدكتور يحى الجمل: "هناك أصابع إسرائيلية وراء ما يحدث فى مصر تريد تدميرها وكسرها مثلما فعلت فى العراق والسودان، وهمها الأكبر إضعاف مصر لأنه من مصلحتها، وليس خطراً على أمنها القومى، كما يقال وتستعين ببعض الأيادى فى الداخل لتحقيق هدفها، بالإضافة إلى أن هناك قراراً لدى المتحكمين فى المسرح الدولى، يقول إن مصر لا تقوى ولا تموت وإنما تضعف فقط".
وقسم الجمل مصر إلى ثلاث مراحل منذ عام 1952 تتشابه فى الوسائل البوليسية، ومبدأ أن رئيس الجمهورية يدور حوله كل شىء، ولكن التوجهات فيها مختلفة كلياً، المرحلة الأولى تمثل عهد الرئيس الراحل جمال عبد الناصر، الذى تمتع بالكاريزما والقوة وتوجهاته كانت للتنمية الحقيقية، وإعطاء المواطن حقه وانحاز للشعب وقام بعمل خطط صناعية وزراعية واسعة، وهذا كان سبب نكسة 1967 لعرقلة هذا التقدم يليها المرحلة الثانية فى عهد السادات الذى اتخذ قرار الحرب وصنع ورقة أكتوبر، التى كانت خطوة على طريق التحول الديمقراطى، أما المرحلة الثالثة للرئيس مبارك الذى زادت فى عهده المركزية، وتوجه فى العشر سنوات الأولى لإعادة البنية الأساسية، ولكن تغيرت الصورة منذ أوائل التسعينيات لوصول رجال الأعمال للسلطة، وظهور الفساد الرهيب الذى استفحل فى مطلع الألفية، حتى أصبحت مؤسسة الفساد هى الأقوى، وبدأت تطرق الجامعات والقضاء.
وصرح الدكتور يحيى الجمل أن الرئيس السابق مبارك عرض عليه تولى منصب وزير الثقافة فى أوائل الثمانينيات، واعتذر مطالباً بمنصب رئيس جامعة القاهرة، قائلاً: "جرى الحديث بعد ذلك عن توليتى رئاسة مجلس الشعب إلا أن تصريحى حينها أن الحزب الوطنى ما خير بين أمرين إلا واختار أسوأهما، أقصانى عن هذا المنصب"، مضيفاً أن التعميم خاطئ فى مسألة أن كل من كان له علاقة بالنظام القديم فاسد، فهناك الكثير من الشرفاء الذين حاولوا قول الحق كثيراً.
وعن أزمة نقابة الصحفيين، قال نائب رئيس مجلس الوزراء: "أعوذ بالله من الصحفيين ومشاكلهم لأن مفيش حد منهم راضى عن حاله، ولم أرشح اسم لمؤسسات التحرير وروز اليوسف والهلال إلا وحدث خلاف حوله"، مؤكداً أن الأسماء المطروحة الآن أمام رئيس الوزراء تنتظر الموافقة أو عرضها على المجلس الأعلى للقوات المسلحة، والمعيار فى اختيارهم أن يكون من داخل المؤسسة الصحفية، وأن يكون صاحب كفاءة مهنية ومرضى عنه داخل المؤسسة والرأى العام.
وأضاف أن هناك الحديث حول أشخاص آخرين لتولى رئاسة ومجالس إدارة تحرير الأهرام والأخبار، منهم شخص التقى به فى اجتماع رؤساء التحرير ووجده ذو قيمة عالية رغم عدم سماعه عنه من قبل، وهو عضو مجلس نقابة الصحفيين، مرشح للأهرام أو الأخبار، رافضاً الإفصاح عن اسمه، مشيراً إلى أنه لابد من فصل ملكية الصحف عن الإدارة، والأفضل أن تكون أسهم المؤسسة جزءاً منها للعاملين بحدود حتى يحرصوا عليها، وعلى إنجاحها وتحقيق أرباح لها.
وطالب الجمل بفتح الباب أمام إصدار الصحف بالأخطار لأن الرأى العام، هو الحكم فى وجودها كذلك، الأمر بالنسبة للأحزاب حتى وإن وصل عددها إلى 100 حزب.
وعن رأيه فى الوزارتين اللتين عاصرهما، قال نائب رئيس مجلس الوزراء: "شفيق رجل على خلق، وعصام شرف ملاك، وحتة بسكوتة، ونقى واحنا عاوزين نشفان شوية".
وأكد الجمل عن محاولة سيطرة بعض القوى الدينية على مجريات الأمور، أنه ضد الأحزاب الدينية، لأنها خطر والدستور الذى سقط كان ينص على ألا تقوم الأحزاب على أساس دينى، ولكن بمرجعية دينية وضد الدولة العسكرية، لأنه ليس هناك أسوأ من الدولة البوليسية، فهى أسوأ خلق الله، مشيراً إلى أن الشعب المصرى وسط ويرفض التطرف والسلفيين وغيرهم رغم أنهم يمتازوا بالتنظيم والحزب الوطنى هو من فعل بهم ذلك، ولكن هذه العقول المظلمة لن تستطيع كسب تأييد الشعب، لأن الفكر الوهابى مرفوض، وليس من الإسلام فى شىء.
وأشار الجمل إلى أنه لم يعد نقابة الصحفيين بمبلغ 10 ملايين جنيه، ولكن الأمر تم فى إطار قانونى، حيث تقدمت النقابة بطلب، وتم تحويله لوزارة المالية.