موقع ''ويكيليكس - Wikileaks'' والتي تعني بالعربية ''تسريبات مكوكية'' هو مشروع موسوعة إلكترونية غير ربحية يهدف كما يقول القائمون عليه كشف الفضائح والأسرار التي تنال المؤسسات والحكومات الفاسدة، وإماطة اللثام عن كافة الانتهاكات التي تمس حقوق الإنسان أينما كانت وكيفما كانت.
الموقع الذي اشتهر بكشفه لحقائق موثقة عن فضائح الجيش الأمريكي في العراق وأفغانستان أسس قبل نحو ثلاث سنوات بالتحديد في شهر يوليو سنة 2007، ورمى منذ تأسيسه على الدفاع عن حقوق الشعوب في معرفة الحقائق والوثائق التاريخية من خلال كشفه لوثائق ومستندات تعري الفساد في كافة أنحاء الدنيا.
لا أحد يعرف بالتحديد من هو مؤسس الموقع، وإن كان البعض يقول إن الأسترالي جوليان أسانج هو مؤسس ''ويكيليكس''، وهناك قول شائع أيضا أنه إنطق بناءاً على حوار بين مجموعة من الناشطين على الإنترنت من أنحاء متفرقة من العالم مدفوعين بحرصهم على احترام وحماية حقوق الإنسان ومعاناته، بدءا من قلة توفر الغذاء والرعاية الصحية والتعليم والقضايا الأساسية الأخرى. وعلى ضوء هذا رأى هؤلاء النشطاء أن الطريقة المثلى للوقوف في وجه هذه الانتهاكات هو كشفها وتسليط الضوء عليها.
وحاز الموقع شهرته العريضة جراء كشفه للعديد من الأسرار المتعلقة بقضايا ذات بعد إنساني، وكشف النقاب عن الفساد وسوء الإدارة في بعض الدول التي من شأنها خلق الأزمات وتعريض حياة شعوبها للخطر الداهم، فعلى سبيل المثال كشف الموقع كما هو منشور على صفحته الرئيسية عن الأعداد الحقيقية للأفارقة المصابين بمرض الملاريا والذي يروح ضحيته مائة شخص كل ساعة.
ويجمع الموقع كافة أخباره وتقاريره من أشخاص يوفرون له المعلومات اللازمة من خلال كشفهم لوثائق يرسلونها للقائين على الموقع بالبريد الإلكتروني أو تسلم باليد، ويتبع ويكيليكس برنامج حماية صارم من أجل حماية مصادر المعلومات منها وسائل متطورة في التشفير تمنع أي طرف من الحصول على معلومات تكشف المصدر الذي وفر تلك التسريبات.
ويحظى ويكيليكس بشبكة من المحامين وناشطين حقوقين آخرين للدفاع عن المواد المنشورة ومصادرها التي لا يمكن - متى نشرت على صفحة الموقع- مراقبتها أو منعها، وبرأت المحكمة العليا بالولايات المتحدة الموقع من أي مخالفة حينما نشر ما بات يعرف بوثائق البنتاجون التي أزاحت الستار عن العديد من الأسرار عن حرب فيتنام.
ويقول القائمون على الموقع أنهم يهدفون من وراء نشر الوثائق والمستندات إلى كشف الحقيقة، مطالباً متصفحيه بألا يعقجوا ألأمالاً عريضة إلى تحويل المسؤولين إلى القضاء ومحاسبتهم على ما ارتكبوه من أخطاء، بجانب أن تقدير ذلك يعود نهاية المطاف للقضاء وليس الإعلام.
لكن هذا لا يمنع -كما يقول القائمون على ويكيليكس -الصحفيين والناشطين والمعنيين من استخدام معلومات ينشرها الموقع للبحث والتقصي للوصول إلى حقيقة الأمر، وبالتالي يمكن لاحقا تحويل المسألة إلى قضية ينظر فيها القضاء.
وقد خلق هذا الواقع إشكاليات كبيرة بالنسبة لويكيليكس لجهة حجبه بالعديد من الدول وعلى رأسها الصين، لكنه نجح في وضع عناوين بديلة يمكن من خلالها الوصول إلى صفحته وقراءة محتوياتها بفضل إمكانيات التشفير التي يوظفها خبراء لصالح منع حجب الموقع.
ويتم التدقيق في الوثائق والمستندات باستخدام طرق علمية متطورة للتأكد من صحتها وعدم تزويرها، لكن القائمين على الموقع يقرون بأن هذا لا يعني أن التزوير قد لا يجد طريقه إلى بعض الوثائق، وانطلاقا من هذه المقولة، يرى أصحاب ويكيليكس أن أفضل طريقة للتمييز بين المزور والحقيقي لا يتمثل بالخبراء فقط بل بعرض المعلومات على الناس وتحديدا المعنيين مباشرة بالأمر.
وتتم عملية النشر بطريقة بسيطة حيث لا يحتاج الشخص سوى تحميل الوثيقة التي يريد عرضها وتحديد اللغة والبلد ومنشأ الوثيقة قبل أن تذهب هذه المعلومات لتقويم من قبل خبراء متخصصين، وتتوفر فيها شروط النشر المطلوبة. وعند حصولها على الضوء الأخضر، يتم توزيع الوثيقة على مزودات خدمة احتياطية داعمة .
وفيفبراير 2008 قام مصرف سويسري برفع دعوى على ويكيليكس في أميركا بعد أن نشر ويكيليكس مزاعم عن أنشطة غير مشروعة للمصرف في جزر كيمان. وقد نتج عن هذه القضية حظر استخدام النطاق wikileaks.org، لكن الموقع تحايل على هذا باستخدام نطاقات أخرى مثل wikileaks.be. هذا مع الإشارة إلى صعوبة منع الموقع من الصدور على الإنترنت نظرا لتوزعه في مناطق متفرقة من العالم.
وفي شهر يوليو الماضي كشف الموقع عن 77 ألف وثيقة سرية عسكرية أمريكية، مثيراً عاصفة إعلامية رافقتها انتقادات بشكل خاص من البنتاجون الذي اتهمه باللامسؤولية. إلا أن الأسترالي جوليان أسانج أحد مؤسسي ويكيليكس، رد في بيان وزعه وقال فيه: ''نريد 3 أمور: تحرير الصحافة وكشف التجاوزات وإنقاذ الوثائق التي تصنع التاريخ''.
كشفت الوثائق الاميركية السرية التي نشرها موقع ''ويكيليكس'' - 400 ألف وثيقة سرية عن حرب العراق - يوم الجمعة تفاصيل حرب في الظل تجري على أرض بلاد الرافدين بين القوات الأميركية والإيرانية وخصوصا استعمال طهران ميليشيات لقتل أو خطف أميركيين، إضافة إلى معلومات حول قيام إيران بتدريب وتسليح ميليشيات شيعية في العراق، كما تكشف تفاصيل تعلن للمرة الأولى بشأن تورط رئيس الوزراء العراقي المنتهية ولايته نوري المالكي في إدارة فرق للقتل والتعذيب.
وبعد اسابيع من الترقب، بدأ الموقع المختص بتسريب الوثائق العسكرية، مساء الجمعة والتي اعتبرها ''أكبر عملية تسريب لوثائق عسكرية سرية في التاريخ''. وقال بيان للموقع ان الوثائق توضح ''عددا كبيرا من جرائم الحرب التي تبدو واضحة من قبل القوات الاميركية مثل القتل العشوائي لاشخاص كانوا يحاولون الاستسلام''. وبعض هذه الوثائق يوضح سوء معاملة القوات العراقية لسجناء عراقيين كانت الولايات المتحدة على علم بها ولكنها لم تحقق بشأنها.