القاهرة- استمرت تداعيات سرقه اللوحه للفنان الهولندي فنسنت فان غوخ من متحف محمد محمود خليل وحرمه في قلب القاهرة، فيما اتهم وزير الثقافة المصري فاروق حسني بـ"الاهمال".
وأكد مجموعة من العاملين بالمتحف اكتشافهم اختفاءها في الساعة الثانية ظهر يوم السبت الماضي وبناء عليه أبلغوا الأمن بسرقتها، وقام الأمن الخاص بالمتحف باحتجاز4 من السائحين لحظة خروجهم من باب المتحف وقاموا بتفتيشهم تفتيشا ذاتيا بعد إغلاق باب المتحف تماما ولكن لم يتم العثور علي اللوحة مع أحد منهم إلي أن حضر رجال الشرطة وقاموا باستجواب هؤلاء السائحين.
وتبين عدم قيام أحد منهم بسرقة اللوحة إلا أن المفاجأة الجديدة التي توصل اليها فريق البحث الجنائي الذي أمر به اللواء عدلي فايد مساعد أول وزير الداخلية لقطاعي الأمن العام والأمن ويقوده اللواء كمال الدالي مدير الإدارة العامة لمباحث الجيزة والعميدان جمعة توفيق وكيل المباحث ومحمود خليل مفتش مباحث الجيزة هي تضارب الأقوال حول موعد السرقة, حيث إن هناك بعض العاملين أكدوا عدم رؤيتهم للوحة يوم الخميس.
وعلي الرغم من أنهم غير مسئولين عن عمليات التأكد من وجود اللوحات في مكانها, حيث أن الأمر خاص بثلاثة من موظفي أمن المتحف يقومون بالمرور علي هذه الحجرات والتأكد من وجود هذه اللوحات ثم يقومون بإثبات ذلك بمحضر جرد يومي والتوقيع عليه من خلالهم.
إلا أن تحقيقات النيابة العامة أكدت أن عمليات الجرد والمحاضر كانت وهمية وأنه كان يتم كتابتها دون التأكد من ذلك وعليه سوف يكون هناك اتجاه آخر حول اللص الذي سرق اللوحة بعد تضارب هذه الروايات خاصة أن الذين يقومون بعمليات الجرد اليومي يغلقون الحجرات والمتحف بأقفال الكترونية ذات أرقام سرية لا يعلمها إلا أفراد اللجنة التي تتولي الاغلاق ثم يقومون بعد ذلك بتسليم المفاتيح الخاصة والكروت الالكترونية الخاصة بالأقفال إلى مسئول شرطة السياحة والذي يتولي عملية التأمين من الخارج.
وعندما يقوم أي شخص باستخدام هذه الكروت بالفتح لا يتم فتحها إلا من خلال هذه اللجنة التي قامت باغلاقها ويثير هذا الشكوك حول مرتكبي الحادث ولكن الخيط الفاصل في تحديد الجاني هو مضاهاة البصمات الموجودة علي اطار اللوحة، حيث أمرت النيابة باستعجال تقرير البصمات لمضاهاتها ولكن الأمر سوف يكون أكثر صعوبة إذا كان من ارتكب الجريمة محترفا وأزال هذه البصمات بعد السرقة
وقد كشفت سرقة اللوحة الشهيرة عدم كفاءة تدابير الحماية والامان لممتلكات العديد من المتاحف المصرية في قطاعي الاثار والفنون التشكيلية والتي تصل قيمتها إلى مئات مليارات الدولارات.
فممتلكات متحفين فقط من متاحف الفن التشكيلي هما متحف الجزيرة المغلق منذ 25 عاما ومتحف محمد محمود خليل تصل قيمتها حسب بعض الخبراء المصريين إلى ما يقارب 30 مليار دولار.
وقرر رئيس الجهاز المركزي للمحاسبات المستشار جودت الملط السبت تشكيل لجنة رئيسية من أعضاء الجهاز في الادارة المركزية للرقابة المالية على الوزارات الرئاسية والاقتصادية والخدماتية، للقيام بدراسة شاملة للمتاحف والمعابد التابعة لوزارة الثقافة.
وقال الملط إن اللجنة سوف تدرس مدى صلاحية الانظمة الامنية وسبل توفير الحماية اللازمة للمتاحف والمعابد وتامين المداخل والمخارج ومدى وجود العاملين المدربين القادرين على تشغيل الانظمة، إلى جانب بحث مدى توافر الاعتمادات المالية وتحديد مسؤولية العاملين بالمتاحف والمعابد والذين يتولون سلطة الاشراف والرقابة عليهم وموقف القيادات العليا.
وستشمل الدراسة المتحف المصري والقلعة ومتحف الإسكندرية القومي ومتحف المجوهرات الملكية في الاسكندرية ومتحف الاقصر ومتحف ابو سمبل ومتحف النوبة ومعابد الاقصر وابو سمبل وكوم امبو وادفو ودندرة.
وفي مؤازة قرار الملط، اتخذ وزير الثقافة المصري فاروق حسني السبت قرارا بتشكيل مجموعة من اللجان المختصة تضم مجموعة متميزة من كافة التخصصات المعنية من فنانين وقانونيين ومتخصصين في الامن ومتخصصين فى العهدة وخبراء في المتاحف والتأمين للقيام بجرد عهدة لجميع المتاحف القومية.
ونص القرار على أن تبدأ اللجان عملها الأحد وبشكل دوري في جميع المتاحف وتقوم بوضع جدول زمني محدد للعمل المتواصل فى كافة المتاحف الفنية والقومية، وذلك لعمل تقييم شامل على أرض الواقع يستهدف جمع البيانات الحقيقية لحالة المقتنيات في جميع هذه المتاحف.
إلى جانب ذلك، ستقوم اللجان بتقييم المقتنيات الفنية واللوحات فى كل متحف بشكل يومي وعمل تقارير من أرض الواقع تعرض بشكل عاجل على وزير الثقافة شخصيا لاتخاذ الإجراءات الفورية بشأنها في ما يتعلق بعمليات الترميم أو الصيانة للحفاظ على هذه الثروات القومية.
وجاءت هذه القرارات في الوقت الذي جددت النيابة العامة حبس رئيس قطاع الفنون التشكيلية محمد شعلان وخمسة من العاملين معه لمدة 15 يوما بتهمة الاهمال والاضرار بالممتلكات العامة.
ومن جهته، اتهم شعلان وزير الثقافة المصري في مذكرة تقدم بها محاميه سمير صبري إلى نيابة شمال الجيزة بالاهمال وانتهاج سياسة ادارية فاشلة أدت إلى وصول المتاحف إلى حالة متردية، مؤكدا أن إهمال الوزير هو السبب المباشر في سرقة لوحة (زهرة الخشخاش).
وأكد شعلان في مذكرته أن تركيز الوزير على تشييد المتحف المصري الكبير ومتحف الحضارات وحجز مئات الملايين من الجنيهات لضمان بقائه في الوزارة الى 20 عاما مقبلة، كل هذا جاء على حساب المتاحف القائمة وحالة الاهمال التي تعيشها.
واتهم شعلان حسني بتجاهل اعادة فتح وترميم متحف الجزيرة الذي يضم أكثر من أربعة آلاف لوحة مهمة، وكذلك متحف حسين صبحي الذي يضم عددا مهما من اللوحات والاعمال العالمية التي بقيت مهدرة في القبو تحت السلم معرضة للرطوبة والعوامل السيئة.
وكان الأمين العام للمجلس الاعلى للاثار زاهي حواس الذي اختير لرئاسة لجنة متابعة تطوير الأجهزة الأمنية للمتاحف التابعة لوزارة الثقافة قام قبل ثلاثة أيام بإغلاق متحف النوبة لعدم كفاءة أجهزة حمايته لمدة اسبوعين بهدف تطويرها.
وفي اليوم التالي، قرر وزير الثقافة فاروق حسني إغلاق ثلاثة متاحف هي متحف محمود سعيد في الاسكندرية ومتحف الخزف الاسلامي في القاهرة ومتحف أحمد شوقي في القاهرة.
ويشار إلى أن رجل الأعمال المصري نجيب ساويرس رصد جائزة قيمتها مليون جنيه لمن يدلي بمعلومات تساعد في استعادة اللوحة المسروقة.
المصدر: صحيفتا "القدس العربي"، "الأهرام".