يجيب على هذه الفتوى الدكتور عبد الله سمك : نعم يجوز .
لما روي عَنْ يَزِيدَ بْنِ الْأَسْوَدِ قَالَ ( : شَهِدْت مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَجَّتَهُ ، فَصَلَيْتُ مَعَهُ صَلَاةَ الصُّبْحِ فِي مَسْجِدِ الْخَيْفِ ، فَلَمَّا قَضَى صَلَاتَهُ انْحَرَفَ ، فَإِذَا هُوَ بِرَجُلَيْنِ فِي أُخْرَى الْقَوْمِ لَمْ يُصَلِّيَا ، فَقَالَ : عَلَيَّ بِهِمَا فَجِيءَ بِهِمَا تُرْعَدُ فَرَائِصُهُمَا ، فَقَالَ : مَا مَنَعَكُمَا أَنْ تُصَلِّيَا مَعَنَا ؟ فَقَالَا : يَا رَسُولَ اللَّهِ إنَّا كُنَّا قَدْ صَلَّيْنَا فِي رِحَالِنَا ، قَالَ : فَلَا تَفْعَلَا إذَا صَلَّيْتُمَا فِي رِحَالِكُمَا ثُمَّ أَتَيْتُمَا مَسْجِدَ جَمَاعَةٍ فَصَلِّيَا مَعَهُمْ فَإِنَّهَا لَكُمَا نَافِلَةٌ ) رَوَاهُ الْخَمْسَةُ إلَّا ابْنَ مَاجَهْ .
وَفِي لَفْظٍ لِأَبِي دَاوُد : ( إذَا صَلَّى أَحَدُكُمْ فِي رَحْلِهِ ثُمَّ أَدْرَكَ الصَّلَاةَ مَعَ الْإِمَامِ فَلْيُصَلِّهَا مَعَهُ ، فَإِنَّهَا لَهُ نَافِلَةٌ ) .
وعَنْ أَبِي ذَرٍّ عِنْدَ مُسْلِمٍ فِي حَدِيثٍ أَوَّلُهُ : ( كَيْفَ أَنْتَ إذَا كَانَ عَلَيْكَ أُمَرَاءُ يُؤَخِّرُونَ الصَّلَاةَ عَنْ وَقْتِهَا ؟ وَفِيهِ فَإِنْ أَدْرَكْتَهَا مَعَهُمْ فَصَلِّ فَإِنَّهَا لَكَ نَافِلَةٌ ) .
وَعَنْ مِحْجَنِ بْنِ الْأَدْرَعِ قَالَ : ( أَتَيْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ فِي الْمَسْجِدِ ، فَحَضَرَتْ الصَّلَاةُ فَصَلَّى ، يَعْنِي وَلَمْ أُصَلِّ ، فَقَالَ لِي : أَلَا صَلَّيْتَ ؟ قُلْتُ : يَا رَسُولَ اللَّهِ إنِّي قَدْ صَلَيْتُ فِي الرَّحْلِ ثُمَّ أَتَيْتُكَ ، قَالَ : فَإِذَا جِئْتَ فَصَلِّ مَعَهُمْ وَاجْعَلْهَا نَافِلَةً ) .. رَوَاهُ أَحْمَدُ .
أما ما روي عَنْ سُلَيْمَانَ مَوْلَى مَيْمُونَةَ قَالَ : ( أَتَيْتُ عَلَى ابْنِ عُمَرَ وَهُوَ بِالْبَلَاطِ وَالْقَوْمُ يُصَلُّونَ فِي الْمَسْجِدِ ، فَقُلْتُ : مَا يَمْنَعُكَ أَنْ تُصَلِّيَ مَعَ النَّاسِ ؟ قَالَ : إنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ : لَا تُصَلُّوا صَلَاةً فِي يَوْمٍ مَرَّتَيْنِ ).. رَوَاهُ أَحْمَدُ وَأَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيُّ .
فقَدْ تَمَسَّكَ بِهَذَا الْحَدِيثِ الْقَائِلُونَ أَنَّ مَنْ صَلَّى فِي جَمَاعَةٍ ثُمَّ أَدْرَكَ جَمَاعَةً لَا يُصَلِّي مَعَهُمْ كَيْفَ كَانَتْ ؛ لِأَنَّ الْإِعَادَةَ لِتَحْصِيلِ فَضِيلَةِ الْجَمَاعَةِ وَقَدْ حَصَلَتْ لَهُ ، وَهُوَ مَرْوِيٌّ عَنْ الصَّيْدَلَانِيِّ وَالْغَزَالِيِّ وَصَاحِبِ الْمُرْشِدِ .
قَالَ فِي الِاسْتِذْكَارِ : اتَّفَقَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ وَإِسْحَاقُ بْنُ رَاهْوَيْهِ عَلَى أَنَّ مَعْنَى قَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( لَا تُصَلُّوا صَلَاةً فِي يَوْمٍ مَرَّتَيْنِ ) أَنَّ ذَلِكَ أَنْ يُصَلِّيَ الرَّجُلُ صَلَاةً مَكْتُوبَةً عَلَيْهِ ثُمَّ يَقُومَ بَعْدَ الْفَرَاغِ مِنْهَا فَيُعِيدَهَا عَلَى جِهَةِ الْفَرْضِ أَيْضًا ، وَأَمَّا مَنْ صَلَّى الثَّانِيَةَ مَعَ الْجَمَاعَةِ عَلَى أَنَّهَا نَافِلَةٌ اقْتِدَاءً بِالنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي أَمْرِهِ بِذَلِكَ فَلَيْسَ ذَلِكَ مِنْ إعَادَةِ الصَّلَاةِ فِي يَوْمٍ مَرَّتَيْنِ ؛ لِأَنَّ الْأُولَى فَرِيضَةٌ وَالثَّانِيَةَ نَافِلَةٌ فَلَا إعَادَةَ حِينَئِذٍ .
فإن تكرر ذلك من أجل قضاء الفوائت ؛ فهذا جائز على الصحيح من أقوال أهل العلم .