! الفنان الراحل محمود المليجي
- بعض الفنانين تنضج موهبتهم على نار هادئة وتكسبهم سنوات العمر خبرة، ونضوجاً وطعماً خاصاً، وبعضهم ينتظر حتى يكتشفه مخرج صاحب عين ثاقبة ورؤية غير تقليدية ليغير له جلده الفنى ومسار أدواره .
فعلها الراحل يوسف شاهين مع العبقرى محمود المليجى بعد أن كادت قدراته التمثيلية تضيع وسط أمواج دور الشرير النمطى الذى ظل المخرجون يحبسونه فيه حتى أعاد شاهين اكتشافه كممثل من خلال دور محمد أبو سويلم فى فيلم "الأرض" ثم قدم معه أحلى أدواره فى "العصفور" و"عودة الابن الضال".
وبعدها بثلاثين سنة عاد تلميذه المخرج خالد يوسف ليعيد اكتشاف الكوميديانة هالة فاخر فى فيلم "حين ميسرة" وإن كانت لم تستمر طويلاً فى هذا الاتجاه، ومنعتها رغبتها الدائمة فى "النحت" من انتهاز هذه الفرصة لاستخراج طاقتها الكامنة كممثلة من طراز رفيع فراحت تتأرجح بين الهزلى والجاد وتقديم البرامج الخفيفة، ولم تضع خطا تحت الشخصية الجديدة التى أظهرها بها خالد يوسف.
لكن ممثلين وممثلات آخرين فعلوا ذلك وقبضوا على الفرصة بيد من حديد، كما فعلت دلال عبد العزيز حين قدمتها ساندرا نشأت بشكل مختلف فى دور عاهرة، ثم قدمت بعده بسنوات أحلى أدوارها على الشاشة حتى الآن، وهو دور "فطوم" فى مسلسل "الناس فى كفر عسكر" قبل أن يقنعها المخرج مجدى أحمد على بأن تخلع أسنانها لتجسد شخصية صعبة وجريئة ومركبة فى "عصافير النيل".
ولم تكن صفية العمرى هى الأخرى أقل جرأة فقدمت مشاهد قليلة فى فيلم "تلك الأيام" ولكنها من أمتع وأعمق مشاهدها فى السينما والأمتع أنها قامت بدور أم زميلها النجم محمود حميدة، وهى خطوة تُحسب لها بالتأكيد، وتذكرنا بأدوار أخرى قدمتها ممثلات أخريات وصلن إلى قمة النضوج الفنى مثل سوسن بدر ودورها الذى لا ينسى فى مسلسل "الرحايا" مع نور الشريف.
وشويكار والشخصية التى جسدتها بسلاسة وعبقرية فى فيلم "كلمنى شكراً"، وقبلهن الجميلة دائماً نجلاء فتحى فى أفلام "مدافن مفروشة للإيجار"، "أحلام هند وكاميليا"، سوبر ماركت"، وميرفت أمين فى "زوجة رجل مهم"، ونادية الجندى فى "الرغبة"، ونبيلة عبيد فى "التخشيبة" و "المرأة والساطور" وكلهن نجمات اعتدن تجسيد الشخصيات السهلة وقصص الحب والإثارة على الشاشة، وعشن سنوات طويلة دون أن يمارسن فن التمثيل الحقيقى، حتى نضجن وأثبتن أن الموهبة الجيدة تحتاج إلى عمل جيد ومخرج فاهم حتى تظهر وتخرج للجمهور.
وكم من نجم ونجمة وقعوا فى فخ النمطية والأدوار المكررة والنجاح السهل، وضنوا على أنفسهم قبل أن يضنوا على جمهورهم بمتعة الأداء الصادق لشخصية مدروسة وحقيقية من لحم ودم، لذلك سرعان ما انطفأت نجوميتهم كالشعاع الوامض، بعكس نجوم قليلين مثل الراحل العبقرى أحمد زكى والمشخصاتى الذكى نور الشريف والكوميديان المتجدد عادل إمام ومدرسة التمثيل الخاصة جداً يحيى الفخراني وكلهم أخلصوا لموهبتهم وتعبوا فى اختيار أعمالهم.
وأضم إليهم خفيف الظل المثقف أحمد حلمى بمحاولاته المستمرة للخروج من دائرة التسطيح والتكرار ومغامراته المحسوبة لتقديم أفلام قد تصدم جمهوره فى البداية، لكنها تثبت أنه فنان حقيقى يملك من الموهبة والوعى ما يؤهله للانضمام إلى عالم كبار