ما هو ختم النبوة الموجود على كتف رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم ؟
يجيب على هذه الفتوى الدكتور عبد الله سمك : لا صحة للأقاويل والأفاعيل الواردة في السؤال ، أما قضية ختم النبوة فقداختلف العلماء في صفة خاتم النبوة على أقوال كثيرة متقاربة المعنى ذكرها الصالحي في كتابه سبل الرشاد بما ملخصه :
أحدها: أنه مثل زر الحجلة.
روى الشيخان عن السائب بن يزيد رضي الله تعالى عنه قال: قمت خلف ظهر رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فنظرت إلى خاتم النبوة بين كتفيه مثل زر الحجلة.
الثاني: أن كالجمع: روى مسلم عن عبد الله بن سَرْجِس رضي الله تعالى عنه قال: نظرت إلى خاتم النبوة بين كتفيه عند نغض كتفه اليسرى جمعا عليه خيلان كأمثال الثآليل.
الثالث: أنه كبيضة الحمامة.
روى مسلم والبيهقي عن جابر بن سمرة رضي الله تعالى عنه قال: رأيت خاتم النبوة بين كتفي النبي صلى الله عليه وسلم مثل بيضة الحمامة يشبه جسده.
الرابع: أنه شعر مجتمع.
روى الإمام أحمد والترمذي والحاكم وصححه وأبو يعلى والطبراني من طريق عِلْباء ابن أحمر عن أبي يزيد عمرو بن أخطب، الأنصاري رضي الله تعالى عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ادن فامسح ظهري.
فدنوت ومسحت ظهره ووضعت أصابعي على الخاتم.
فقيل له: ما الخاتم ؟ قال: شعر مجتمع عند كتفه.
الخامس: أنه كالسعلة.
روى الإمام أحمد وابن سعد والبيهقي من طرق عن أبي رِمْثة رضي الله تعالى عنه قال: انطلقت مع أبي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فنظرت إلى مثل السلعة بين كتفيه.
السادس: أنه بضعة ناشزة.
روى الترمذي عن أبي سعيد الخدري رضي الله تعالى عنه قال: الخاتم الذي بين كتفي رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بضعة ناشزة.
وفي لفظ عند البخاري في التاريخ والبيهقي: لحمة ناتئة ولأحمد: لحم ناشز بين كتفيه.
السابع: أنه مثل البندقة.
روى ابن حبان في صحيحه من طريق إسحاق بن إبراهيم قاضي سمرقند: حدثنا ابن جريج عن عطاء عن ابن عمر رضي الله تعالى عنهما قال: كان خاتم النبوة على ظهر النبي صلى الله عليه وآله وسلم مثل البندقة من لحم مكتوب فيها: محمد رسول الله.
قال الحافظ أبو الحسن الهيثمي في (مورد الظمآن إلى زوائد ابن حبان) بعد أن أورد الحديث: اختلط على بعض الرواة خاتم النبوة بالخاتم الذي كان يختم به الكتب ،انتهى.
الثامن: أنه مثل التفاحة.
روى الترمذي عن أبي موسى رضي الله تعالى عنه قال: كان خاتم النبوة أسفل من عضروف كتفه صلى الله عليه وآله وسلم مثل التفاحة.
التاسع: أنه كأثر المحجم.
روى الإمام أحمد والبيهقي عن التنوخي رسول هرقل رضي الله تعالى عنه في حديثه الطويل قال: فإذا أنا بخاتم في موضع غضروف الكتف مثل المحجمة الضخمة.
العاشر: أنه كشامة سوداء تضرب إلى الصفرة.
روي عن عائشة رضي الله تعالى عنها قالت: كان خاتم النبوة كشامة سوداء تضرب إلى الصفرة حولها شعرات متراكبات كأنها عرف الفرس رواه أبو بكر بن أبي خيثمة من طريق صبح بن عبد الله الفرغاني حدثنا عبد العزيز بن عبد الصمد .
الحادي عشر: أنه كشامة خضراء محتضرة في اللحم، قليلا.
نقله ابن أبي خيثمة في تاريخه عن بعضهم.
الثاني عشر: أنه كركبة عنز: روى الطبراني وأبو نعيم في المعرفة عن عباد بن عمر رضي الله تعالى عنه قال: كان خاتم النبوة عن طرف كتف النبي صلى الله عليه وآله وسلم الأيسر كأنه ركبة عنز، وكان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يكره أن يرى الخاتم.سنده ضعيف.
الثالث عشر: أنه كبيضة حمامة مكتوب في باطنه: الله وحده لا شريك له.
وفي ظاهره: توجه حيث شئت فإنك منصور.
رواه الحكيم الترمذي وأبو نعيم، قال في المورد: وهو حديث باطل.
الرابع عشر: أنه كنور يتلألأ .. رواه ابن عائذ .
الخامس عشر: أنه ثلاث شعرات مجتمعات.
ذكره أبو عبد الله محمد القُضاعي رحمه الله تعالى في تاريخه.
السادس عشر: أنه عذرة كعذرة الحمامة ،قال أبو أيوب: يعني قرطمة.
الحمامة ، رواه ابن أبي عاصم في سيرته.
السابع عشر: أنه كتينة صغيرة تضرب إلى الدهمة.
روي ذلك عن عائشة رضي الله تعالى عنها.
الثامن عشر: أنه كشئ يختم به.
روى عن أبي شيبة عن عمرو بن أخطب أبي زيد الأنصاري رضي الله تعالى عنه قال: رأيت الخاتم على ظهر رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال هكذا بظفره ،كأنه يختم.
التاسع عشر: أنه كان بين كتفيه صلى الله عليه وآله وسلم كدارة القمر مكتوب فيها سطران: السطر الأول: لا إله إلا الله.
وفي السطر الأسفل: محمد رسول الله.
رواه أبو الدحداح أحمد بن إسماعيل الدمشقي رحمه الله تعالى في الجزء الأول من سيرته.
قال في [ المورد ] و (الغرر) وهو باطل بين البطلان.
العشرون: أنه كبيضة نعامة.
روى ابن حبان في صحيحه عن جابر بن سمرة رضي الله
تعالى عنه قال: رأيت خاتم النبوة بين كتفيه صلى الله عليه وآله وسلم كبيضة النعامة يشبه جسده.
قال الحافظ أبو الحسن الهيثمي في (مورد الضمآن) روى هذا في حديث الصحيح في صفته صلى الله عليه وآله وسلم ولفظة: مثل بيضة الحمامة وهو الصواب.
قال الحافظ: تبين من رواية مسلم (كركبة عنز) أن رواية ابن حبان غلط من بعض الرواة.
الحادي والعشرون: أنه غدة حمراء.
روى إبو الحسن بن الضحاك عن جابر بن سمرة رضي الله تعالى عنه قال: كان خاتم رسول الله صلى الله عليه وسلم غدة حمراء مثل بيضة الحمامة.
تنبيهات
الأول: اختلف في موضع الخاتم من جسده صلى الله عليه وسلم ففي صحيح مسلم: أنه عند نغض كتفه الأيسر.
وفي رواية شاذة عن سلمان أنه عند غضروف كتفه اليمنى
الثاني: قال العلماء: هذه الروايات متقاربة في المعنى وليس ذلك باختلاف بل كل راو شبه بما نسخ له، فواحد قال كزر الحجلة وهو بيض الطائر المعروف أو زرار البشخاناه وآخر كبيضة الحمامة ،وآخر كالتفاحة وآخر بضعة لحم ناشزة ،وآخر لحمة ناتئة ،وآخر كالمحجمة ،وآخر كركبة العنز.
وكلها ألفاظ مؤداها واحد وهو قطعة لحم.
ومن قال: شعر.
فلأن الشعر حوله متراكب عليه كما في الرواية الأخرى.
قال أبو العباس القرطبي في (المفهم): دلت الأحاديث الثابتة على أن خاتم النبوة كان شيئا بارزا أحمر عند كتفه صلى الله عليه وسلم الأيسر إذا قلل قدر بيضة الحمامة، وإذا كبر قدر جمع اليد.
الثالث: قال السهيلي رحمه الله تعالى: والحكمة في كون الخاتم عند نغض كتفه الأيسر أنه معصوم من وسوسة الشيطان، وذلك الموضع منه يوسوس لابن آدم.
قال السهيلي: والحكمة في وضع خاتم النبوة على جهة الاعتبار أنه صلى الله عليه وسلم لما ملئ قلبه إيمانا ختم عليه كما يختم على الوعاء المملوء مشكا أو درا، فجمع الله تعالى أجزاء النبوة لسيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم وتممه وختم عليه بختمه فلم تجد نفسه ولا عدوه سبيلا إليه من أجل ذلك الختم، لأن الشئ المختوم محروس، وكذلك تدبير الله تعالى لنا في هذه الدار إذا وجد أحدنا الشئ بختمه زال الشك وانقطع الخصام فيما بين الآدميين، فلذلك ختم رب العالمين في قلبه ختما يطمئن له القلب وألقى فيه النور ونفذت قوة القلب فظهر بين كتفيه كالبيضة.
الرابع: قال الحافظ: مقتضى الأحاديث أن الخاتم لم يكن موجودا عند ولادته صلى الله عليه وسلم، وإنما وضع لما شق صدره عند حليمة
الخامس: سئل الحافظ برهان الدين الحلبي رحمه الله تعالى: هل خاتم النبوة من خصائص النبي صلى الله عليه وسلم ؟ أو كل نبي مختوم بخاتم النبوة ؟ فأجاب: لا أستحضر في ذلك شيئا ولكن الذي يظهر أنه صلى الله عليه وسلم خص بذلك لمعان منها: أنه إشارة إلى أنه خاتم النبيين وليس كذلك غيره ؛ولأن باب النبوة ختم به فلا يفتح بعده أبدا.
وروى الحاكم عن وهب بن منبه رحمه الله تعالى قال: لم يبعث الله نبيا إلا وقد كانت عليه شامة النبوة في يده اليمنى، إلا أن يكون نبينا صلى الله عليه وسلم فإن شامة النبوة كانت بين كتفيه صلى الله عليه وسلم.
فعلى هذا يكون وضع الخاتم بظهر النبي صلى الله عليه وسلم مما اختص به عن الأنبياء .
السابع: وقع في حديث شداد بن أوس في مغازي ابن عائذ في قصة شق صدره صلى الله عليه وسلم وهو في بلاد بني سعد بن بكر (وأقبل وفي يده خاتم له شعاع فوضعه بين كتفيه وثدييه) وهذا قد يؤخذ منه أن الختم وقع في موضعين من جسده صلى الله عليه وسلم والعلم عند الله تعالى.
الثامن: قال الحافظ: ما قيل إن الخاتم كان كأثر المحجم أو كالشامة السوداء أو الخضراء مكتوب عليها: لا إله إلا الله محمد رسول الله أو سر فإنك المنصور ،ونحو ذلك فلم يثبت من ذلك شئ ولا يغير بما وقع في صحيح ابن حبان فإنه غفل حيث ضحح ذلك. وقال القطب في (المورد) والمحب ابن الشهاب بن الهائم في (الغرر): إنه حديث باطل.
ونقل أبو الخطاب بن دحية رحمه الله تعالى عن الحكيم الترمذي أنه قال: كان الخاتم الذي بين كتفي رسول الله صلى الله عليه وسلم كأنه بيضة حمامة مكتوب في باطنها: الله وحده ،وفي ظاهرها: توجه حيث شئت فإنك منصور ،قال ابن دحية: وهذا غريب واستنكروه.
التاسع: قيل إن الخاتم النبوي الذي كان بين كتفيه صلى الله عليه وسلم رفع عند وفاته فكان بهذا عرف موته صلى الله عليه وسلم.
العاشر: روى الحافظ إبراهيم الحربي في غريبه وابن عساكر في تاريخه، عن جابر رضي الله تعالى عنه قال: أردفني رسول الله صلى الله عليه وسلم خلفه فالتقمت خاتم النبوة بفي فكان ينم علي مسكا.
الحادي عشر: في بيان غريب ما سبق: زر الحجلة: اختلف في ضبط زر وفي الحجلة ومعنييهما.
فقيل في (زر) إنه بتقديم الزاي على الراء المشددة والحجلة بفتح الحاء المهملة والجيم وعلى هذا فقيل المراد بالزر الذي يعقد به النساء عرى حجولهن كأزرار القميص والحجلة بيت من ثياب كالقبة يجعل بابه من جنبه يجعل فيه الزر والعروة.
وقيل المراد بالزر البيض والحجلة الطائر المعروف.
قال الترمذي رحمه الله تعالى: ويساعده في ذلك رواية كبيضة حمامة.
قال النووي: والصحيح المشهور هو الأول.
وقيل المراد بالحجلة من حجل الفرس.
قال في المطالع: إن كان سمي البياض الذي بين عيني الفرس حجلة لكونه بياضا كما سمي بياض القوائم تحجيلا فما معنى الزر مع هذا ؟ لا يتجه له فيه وجه.
وقال الحافظ رحمه الله تعالى: واستبعد السهيلي قول ابن عبيد الله بأنها من حجل الفرس الذي بين عينيه بأن التحجيل إنما يكون من القوائم وأما الذي في الوجه فهو الغرة وهو كما قال، إلا أن منهم يطلقه على ذلك مجازا وكأنه أراد قدر الزر وإلا فالغرة لا زرلها.
وضبطه بعضهم بتقديم الراء على الزاي.
حكاه الخطابي وفسره بأنه البيض من قولهم أرزت الجرادة بفتح الراء وتشديد الزاي إذا أدخلت ذنبها في الأرض لتبيض.
فاستعار له الطائر.
قال في (المفهم): لا يسمى العرب البيضة (رزة) ولا تؤخذ اللغة بالقياس.
النغض - بنون تضم وتفتح فغين ساكنة فضاد معجمتين - قال الجمهور: النغض والناغض: أعلى الكتف.
وقيل هو العظم الدقيق الذي على طرفه (2) وقيل: ما يظهر عند التحرك.
السلعة : بكسر السين وسكون اللام وفتح العين: وهي هنا خراج كهيئة الغدة يتحرك بالتحريك.
البضعة: القطعة من اللحم والجمع بضع وبضعات ، وبضع وبضاع.
مثل تمرة وتمر وسجدات وبدر وصحاف. ناشزة: بنون وشين مكسورة فزاي معجمتين: مرتفعة.
ناتئة - بالهمز وتركه: أي خارجة من موضعها من غير أن تبين.
جمع - بضم الجيم، وحكى ابن الجوزي وابن دحية كسرها وبه جزم في (المفهم) إسكان الميم أي مجمع الكف وهو صورته بعد أن تجمع الأصابع وتضمها يقال ضربه بجمع كفه.
خيلان - بخاء معجمة مكسورة فمثناة ساكنة: جمع خال وهو الشامة في الجسد.
الثاليل جمع ثؤلول بهمزة ساكنة وزان عصفور ويجوز التخفيف: حب يظهر في الجسد كالحمصة فما دونها.
قال القرطبي في المفهم: نقط سود كانت على الخاتم شبهها بها لسعتها لا أنها كانت ثآليل.
الغضروف: رأس لوح الكتف.
متراكبات: مجتمعات.
سلقني: ألقاني على ظهري.
قال في النهاية ويروى بالصاد أيضا وبالسين أكثر.
والله أعلم .