الملف الأسود لإسحاق ليفانون السفير الإسرائيلي في القاهرة إسحاق ليفانون السفير الإسرائيلي في القاهرة
مر حوالي ثلاثة أشهر علي قدومه إلي القاهرة .. أجندته الخبيثة مليئة بالأهداف التي يسعى قادته في تل أبيب إلي تحقيقها.. وسيرته الذاتية حافلة بالانجازات الصهيونية والبذاءات والأحقاد تجاه كل ما هو عربي.
لم يكن اختياره بالصدفة بل تم بعناية فائقة كيف لا وهو عين إسرائيل علي النيل وخادمها المطيع.. انه السفير الاسرائيلي اسحاق ليفانوف الذي كشفت تصريحاته الأخيرة عن اتجاهاته السياسية والحقد الدفين للعالم العربي حتى سقط أثناء الاحتفال بإعادة افتتاح معبد "موسى بن ميمون"بعد ترميمه بـ 2 مليون جنيه علي نفقة الحكومة المصرية حيث قال إسحق إن مقدار سعادتي لا توصف وأنا أقف داخل المكان الذي تواجد فيه مؤسس الصهيونية منذ مئات السنين..السطور التالية بحسب ما نشرته جريدة الرؤية الكويتية قراءة في أجندة السفير الإسرائيلي وأجندته السرية التي يسعى إلى تنفيذها في مصر.. إسحاق ليفانون "65 عاما" لديه من الخبرة ما يكفيه للتعامل مع الأوضاع في مصر، خاصة وأنه يجيد العربية بطلاقة ويتحدث بها كما يتحدث بها من ينطقون بلغة الضاد حيث يجيد الحديث باللهجة اللبنانية الخالصة كما لديه كم كبير من الكلمات المصرية العامية التي يجيدها هي الأخرى .
ففي حوار له مع إحدى الصحف العربية قال متحدثاً عن جذوره : "والدي يهودي من مواليد مدينة بيروت اللبنانية، لكنه تزوج أمي اليهودية عام 1936 قبل قيام دولة إسرائيل، وكان يعمل في مجال تجارة الملابس في سوق "سرسق"، وكان يأتي من بيروت إلى القدس والحدود كانت مفتوحة.
وأضاف : الجالية اليهودية في بيروت تدهور حالها ووصلت بعد أن كان عدد أفرادها يتجاوزون الإثنى عشر ألفا.. بضع عشرات فقط لكنهم جزء لا يتجزأ من التركيبة اللبنانية، ومعترف بها مثل الطوائف الأخرى.
ولليفانون باع طويل في التعامل مع وسائل الإعلام العربية والأجنبية الناطقة بالعربية ولكونه لسان إسرائيل العربي في كل منبر إعلامي وجدت فيه تل أبيب الفرصة في الوصول إليه، يظهر فيها ويتحدث بكلامه المعسول الذي تمت صياغته مسبقاً لكي يمرر ما يمكن تمريره من أفكار إسرائيلية خبيثة وللأسف وجدت بعض القنوات العربية فيه ضيفاً دائماً تستضيفه في برامجها لكي يتحدث بلسان إسرائيل ويقول ما تريده إسرائيل للعالم العربي والإسلامي.
وليس هذا السبب الذي دفع المسئولين في تل أبيب لاختياره لشغل هذا المنصب الهام، فحسب بل أهلته كذلك خبرته الدبلوماسية في العديد من دول العالم، فمنذ السبعينيات شغل عددا من الوظائف البحثية والدبلوماسية كما شغل في السابق منصب القنصل الإسرائيلي بكندا وولاية نيو أنجل ند الأميركية والقنصل الإسرائيلي العام بمونتريال بكندا، ومستشاراً سياسياً بسفارة تل أبيب في باريس ونائب المندوب الإسرائيلي الدائم لدى منظمة اليونسكو، وأخيراً مندوب إسرائيل لدى الأمم المتحدة في جنيف ، ثم أصبح بعد ذلك ناطقاً بلسان الخارجية الإسرائيلية في كل مكان، بالإضافة إلى مجال تخصصه فهو خريج الجامعة العبرية بالقدس المحتلة وحصل منها على شهادة عليا في شئون الشرق الأوسط والعلاقات الدولية وتبعها بالحصول على دورة تدريبية في الشئون الدبلوماسية بالنمسا.
وطوال السنوات الستة الماضية ظل إسحاق ليفانون ضيفاً على الإعلام العربي المقروء والمرئي ونجحت الخارجيه الاسرائيليه من خلاله في الوصول إلى أكبر قدر من الجماهير العربية ومنحت له قناة الجزيرة الفضائية القطرية الفرصة تلو الأخرى لكي يدلو بدلو إسرائيل في كافة القضايا الإقليمية والدولية، وبعد فترة من التدقيق والمتابعة وجدت القيادة الإسرائيلية في ليفانون الشخص المناسب بكل ما تحمله الكلمة من معان، وجرى الإعلان وبشكل رسمي اختياره لشغل منصب سفير إسرائيل الجديد بالقاهرة بعد تعثر دام عاما ونصف.
ومن خلال قراءة سريعة لمواقف ليفانون وتصريحاته في أكثر من مناسبة نجد أنه إسرائيلي "بارع في قلب الحقائق وتزيفها" ينطق بالكذب في كافة المحافل الدولية وفي كل مناسبة ويجيد فن تجميل الباطل وتلوين الحقيقة، لكن أكثر ما يميزه هو واقعيته ففي تصريح مقتضب له أكد إسرائيل باقية إلى الأبد في المنطقة وعلى الأطراف العربية كافة تقبل هذا الأمر الواقع وأن السلام في منطقة الشرق الأوسط هو الخيار الأمثل لدول المنطقة، وأن الحل بإقامة دولة فلسطينية إلى جانب إسرائيل وليس بعودة اللاجئين الفلسطينيين .
كما أنه من الممكن تحليل شخصية إسحاق ليفانون ومعرفة كيفية سيدير العلاقات مع القاهرة وبأي طريقة وذلك من خلال تحليل مواقفه السابقة، إذ تحدث في حوار له مع قناة روسيا اليوم عن علاقات إسرائيل مع تركيا وعن حرب غزة الأخيرة وتقرير جولدستون حيث هاجم أنقرة بعد إعلانها عن رفض مشاركة الطيران الإسرائيلي في المناورات الدورية التي تجريها تركيا كل عام بمشاركة بعض دول حلف الناتو وإسرائيل .
ويؤمن ليفانون بمنطق أن المصالح فوق كل اعتبار وعلى هذا الأساس سيعمل على ترسيخ علاقات تل ابيب مع القاهرهعلى الأقل في تلك الفترة الحرجة التي وصفها أكثر من خبير أمني وعسكري واستخباراتي إسرائيلي بأنها الأكثر حرجاً في تاريخ العلاقات بين الجانبين على ضوء التوقعات بحدوث تغير في السلطة في مصر، ويستشف مما سبق أن ما قاله ليفانون إنه سيبتعد عن أي جدال يدخل العلاقات بين البلدين في توتر لا تحتاجه تل أبيب في تلك الفترة على وجه الدقة، لكن يتوقع له أن يعمل قدر الإمكان على توثيق علاقاته الإعلامية التي اكتسبها طوال السنوات الماضية مع بعض الدوائر الإعلامية العربية والأجنبية على الأقل في تمرير رسائل إسرائيلية للعالم العربي بوجه عام ولمصر بشكل خاص.
أما عن مواقفه من الفلسطينيين فقد دأب على الحديث وكأنه من سحرة فرعون، فحينما تحدث عن تقرير جولدستون قال وبالحرف الواحد وبشكل لا يقبل التأويل أنه يستغرب صدور مثل هذا التقرير وأن قوانين الحرب وضعت بين دول موجودة فعلاً وليس بين دولة ومنظمة إرهابية ، ولذا فان التقرير يعتبر شيئاً جديداً، وإذا قبلنا به فمعنى ذلك منح جائزة للطرف الإرهابي وحرمان الدول من حقها في الدفاع عن نفسها ، ثم أن جيش الدفاع الإسرائيلي قام بنفسه في التحقيق بما جرى أثناء الحرب ، وهو لا ينتظر السيد جولدستون أو أي شخص آخر، وإذا كان هناك تجاوز أثناء تلك الحرب فسنتخذ الخطوات اللازمة، وكأن إسحاق ليفانون ومن معه في تل أبيب لا يدركون أن العالم شاهد وقائع تلك الحرب القذرة على مدار ثلاثة أسابيع رسخت وبشكل غير مسبوق صورة إسرائيل العدوانية البشعة ويتحدث وكأن قتل الأطفال والنساء والشيوخ حق لإسرائيل أبد الدهر تفعل ما تشاء وقتما تشاء دون أن يحاسبها أحد.
لكن اللافت للنظر هو أن إسحاق ليفانون ولكونه بوقا لإسرائيل أثار إعجاب وزير خارجيته ليبرمان الذي وعلى ما يبدو وافق عليه بعد أنه تملقه ليفانون على شاشة قناة الجزيرة في برنامج أكثر من رأي ، حينما بادر بالدفاع عنه وعن مواقفه من عرب إسرائيل ودعوته لطردهم من إسرائيل وضمهم إلي السلطة الفلسطينية ومحاكمة أعضاء الكنيست العرب بدعوى أن لهم علاقات أو يتصلون مع حركة حماس وقال أن العرب الذين يعيشون في إسرائيل هم سكان إسرائيل ومدنيو إسرائيل ولهم نفس الحقوق محاولاً تخليص ليبرمان مما قاله .
كما يستشف مما يردده ليفانون أنه يؤمن بما تسعى إليه إسرائيل من محاولات لشق الصف الفلسطيني وتكريس الوضع القائم بين حركتي فتح وحماس ومدافعاً بلا هوادة عن السعي من أجل خلق دولتين فلسطينيتين إحداهما في الضفة والأخرى في قطاع غزة وهو ما يجعل إسرائيل قادرة على الهروب والتملص من أي ضغوط دولية لإجبارها على استئناف المفاوضات مع الفلسطينيين.
أما عن جذور وعائلة إسحاق ليفانون فلا تسل فهو نجل الجاسوسة السابقة شولا كوهين ـ كيشيك، وتعد من أهم جواسيس جهاز الاستخبارات الإسرائيلية الموساد في لبنان قبل نحو 50 عاماً وأطلق عليها في ذاك الوقت اسما حركيا "لؤلؤة الموساد" بعد أن جرى تكليفها في منتصف الأربعينيات بإقامة شبكة تقربت من شخصيات لبنانية عديدة استخدمت بعضها في التجسس وفي عمليات تهريب اليهود اللبنانيين والمسّ بالنظام المصرفي اللبناني.
في أعقاب الكشف عن شبكتها حكم عليها القضاء اللبناني بالإعدام في عام 1961 بتهمة التجسس طوال 14 عاماً لحساب إسرائيل، قبل أن يخفف الحكم إلى السجن، وجرى بعد ذلك الإفراج عنها في صفقة لتبادل الأسرى بعد نكسة 1967 فمن يبحث عن سيرة "شولا كوهين" يجد أنها كانت أقوى عميلة للموساد في لبنان، في الأربعينيات حيث قامت بتزويد دولة إسرائيل بمعلومات مهمة عن لبنان وسوريا.
الأكثر دهشة هو أن معظم أفراد عائلة السفير الإسرائيلي لا يختلفون عن والدته، إذ يمتهنون الإجرام حرفة لهم فشقيقه الأكبر دافيد ليفانون كيشيك ضابط سابق بالجيش الإسرائيلي يعرف عنه الجميع أنه شخص فاسد ومرتش وسعى طوال الفترة الذي قضاها في الخدمة العسكرية خاصة خلال إشرافه على الإدارة العسكرية - المدنية في الضفة الغربية لجعلها مركزا لتنمية عملياته التجارية الخاصة ، ومشاريعه الخاصة لسرقة الأراضي، وأكثرها من الفلسطينيين، وكذلك من المستوطنين اليهود، معتمداً في ذلك على نفوذ والدته شولا، باعتبارها بطلة قومية للإسرائيليين، ليتفادى كل ما قيل عن تورطه في عمليات مشبوهة بصفته ضابطا في القيادة العسكرية، وبعد عمله في الجيش، لمدة ما يزيد على 30 سنة.
إجمالاً فان اختيار إسحاق ليفانون لم يكن وليد الصدفة بل اختيار دقيق وجاء بعد وجود إجماع داخلي إسرائيلي من الجهات المعنية كافة التي تراهن عليه لكي ينقل لها وبكل دقة وحرفية كل ما يجري داخل مصر.