هل تحاولين أن تكوني زوجة كاملة، أم، موظفة، صديقة ، هنا تحاول الأخصائية الاجتماعية Shannon Wylie أن تكتشف لماذا يجعل " تصور الكمال" المرأة تعيسة.
هناك بعض الأشياء لا تزال معايير وقياسات للسعادة لأنها تضيف لمسة من الكمال بحياتنا اليومية، منها علي سبيل المثال لا الحصر الحذاء المناسب الذي يحمل اسم Blahnick أو Choo للموضة التي تقول: أنا أحبك فاليوم نحن جميعا علي موعد مع السعادة، وربما كان بين العامين 1950 إلي 1990 الكثير من ربات البيوت الأقوياء والمنهكات في نفس الوقت اللاتي طورن من أسلوب أن تريد إلي أن تمتلك، ومن ثم جعلت الكمال أكثر من كونه مقياسا للسعادة، لقد جعلته مقياسا لها كشخص.
يمكن القول أن تصور أنك أنثي أصبح مقترنا بالكثير من الأعمال الأخرى كأن تكوني أماً وزوجة وصاحبة عمل في وقت واحد، ولسنا بحاجة لذكر الأشياء الأخرى التي يمكن للفرد منا أن يصف بها نفسه، مثل تلك التي نذكرها يوميا: صديقة، رئيسة، أو امرأة فوق العادة، ولكن أن نحتاجها جميعا فهذه هي المعركة فعندما نصحو في الصباح الباكر ونقرر أن السعادة هي الشيء الذي يجب أن نمتلكه.
وبالطبع ليست كل هذه الأشياء تنمو علي الأشجار، لكننا بالفعل نحتاج إلي الشريك الكامل، الوظيفة ، المنزل، أو الحياة المرفهة لكي نعيش ونقيم جدارتنا، لذا قامت الدكتورة Alice Domar ، الكاتبة والأخصائية النفسية والدكتورة التنفيذية بمركز Domar للعقل والصحة الجسدية بالولايات المتحدة بالعديد من الدراسات في مجالات الصحة وسعادة المرأة.
وفي كتابها Happy without Being perfect :How to Break free from the perfection Deception حيث عكفت الدكتورة Alice علي تفسير لماذا تشعر المرأة دوما بالحاجة إلي أنها يجب أن تؤدي جيدا عندما تذهب لعملها، أسرتها، أصدقائها، بيتها، وكل شيء تكون محصورة بينه؟
وتعلق الأخصائية النفسية علي ما يدور بذهن الباحثات عن الكمال قائلة: بعد سنوات من التعرض بصورة كاملة للتوقعات الغير واقعية التي مررنا بها، كونا صورة لما يجب أن نكون عليه، وما يجب أن تبدو عليه بيوتنا، وكيف نعتني بأطفالنا وما يجب أن نؤدي به وظائفنا.
وتابعت: إننا نعيش في عالم جميل تشوبه العيوب، فمن يستطيع أن يلومنا في أن نجعل جزءا من هذا العالم وهذه الحياة مكتملا؟ ولكن كيف يصبح أكثر كمالا؟.
فعلى سبيل المثال تناضل Stacey Herbeston مديرة تسويق الأزياء الأسترالية يوميا من خلال فكرة الكفاح، لاهثة وراء فكرة الكمال بعيدا عن ومن خلال العمل الخارجي وواجباتها المنزلية، ولذلك تقول السيدة التي تبلغ من العمر 25عاما: "أتوقع أن أكون الأفضل، والأكثر كمالا في كل شيء أقوم به، فهدفي في الحياة أن أكون ناجحة، أن أبدو كاملة، أن أبدو سعيدة وأن أحقق جميع أهدافي".
وبين العيش في الحياة الناعمة بالأزياء والاستمرار أكثر في الدراسة، ركزت Stacey كثيرا علي تأمين الحياة الكاملة، وقالت: "لقد داومت على أداء التمارين وتناول الطعام عندما يبدو كاملا وأنفقت معظم نقودي علي الملابس الأنيقة والمقتنيات الأخرى لكي أبدو الأفضل".
إن المشكلة التي تواجهها Stacey والعديد من الأمهات الأخريات هي عدم الرضا لكونهن يجب أن يبدين الأفضل.
وتقول: "وحيث أنني لم أصل إلي توقعاتي فإنني أصبحت مكتئبة عاطفيا، لقد تجنبت الأشخاص واتجهت للعزلة، لقد أثرت توقعاتي الماضية فيما يجب أن أكون عليه في صحتي الطبيعية ومن ثم أصبحت نحيفة حتى أنني لم أتناول الطعام لأيام عديدة، لذا ما حاولت الحفاظ عليه ليس الحياة العامة، ولكن الخطط التي ظننت أنها تكسبني الكمال".
وعن ذلك قالت: لقد كان لي دوما أهداف طويلة الأمد وأخرى قصيرة الأمد بما في ذلك الأهداف اليومية التي أكتبها في مذكرة خاصة، فأنا أواظب علي قراءتها أو الإشارة إليها يوميا، وغالبا ما كان ذلك يبعدني عن الأشياء الأخرى في حياتي ولم أصبح مهتمة بأي شيء إلا تحقيق أهدافي، ولن أصبح سعيدة إلا إذا كنت الأفضل.
لذا تحذر (أحلام علي) مستشارة الأغذية والصحة العامة في مركز Power Living بدبي قائلة: "يجب أن تعرف المرأة من هذا النوع أولا أنه يتوجب عليها في المقام الأول حسن ممارسة فكرة الكمال، وذلك في إحساسها الطبيعي والفيزيائي لقد جاءت إلينا العديد من الاستفسارات من نساء عديدات يردن أن يصبحن أمثال نجمات هوليوود وبوليوود، إنهن النساء اللاتي تمتلكهن الرغبة في السعي إلي الطرق الجديدة لكي يظهرن أصغر سنا، أخف وزنا مثيرات جنسيا، وأكثر جمالا وأناقة، إنهن يبحثن عن كل الطرق ويجربن أنفسهن بها أولا".
لكن الرغبة اللانهائية في الكمال تمتد إلي ميل النساء في أن يظهرن بالشكل الطبيعي القديم والمثير: وتعترف Belinda Silling 32 عاما بأن رغبتها في التفوق في كل شيء في الحياة لم تجعلها فقط متعبة منهكة، ولكن جعلت الحياة لديها أكثر مرارة.
تقول مصممة الرسومات البيانية: "أعمل في صناعة أكثر تنافسية، وكلما أعلم أنني علي قدر من الكفاءة موازٍ لزميلاتي الأقدم مني، أحاول جاهدة قضاء كل لحظة في مكتبي محاولة أن أصمم شيئا ما يذهب بي لمنزلة أفضل منهن، ولطالما شعرت بالضيق عندما تنال إحداهن الثناء وأقرأ ذلك علي أنه رسالة لي لكي أعمل بشكل أفضل، ليس هذا فقط فسرعان ما أنهي عملي وأسارع إلي المنزل قبل أن يصل زوجي إلي هناك سابقا إياي".
وتضيف الأم لثلاثة أبناء: "إن لدينا خادمة وأم زوجي هي التي تعد الطعام، لكنني لا أرغب في أن يشعر زوجي بأنني أقل من زوجة كاملة، لذلك أعد الطعام ودائما ما أجده قادما علي الباب في الوقت الذي أرغب فيه في إعداد طعام مضاعف، حتى لو حضرت الطعام فإنني أشعر أن يومي لم ينته بعد، وحتى لا تشعر صديقاتي أنني لست صديقة كاملة أواصل الاتصال بهن وأعلم جيدا أن هناك المزيد ينتظر مني القيام به".
توضح الدكتورة Melanie Schlatter من Well Woman Clinic بدبي أن إحساس المرأة بأنها تحتاج إلي أن تكون كاملة غالبا ما ينشأ من خيط عام بأنها ليست الآن جيدة بالقدر الكافي وليست مقبولة، لذا تشعر النساء بأنه يتوجب عليهن فعل المزيد، ويمتلكن المزيد.
وتضيف: "يبدأ الإحساس من المدرسة حيث الضغوط لأن تحصل علي درجات مرتفعة وحجز مكان جيد في الجامعة، ويصحب ذلك الشعور بأن أي شيء أقل من الكمال يصبح غير مرغوب فيه لأن لدينا أشخاصا حولنا لديهم أكثر منا أو من نشعر بأنه أفضل منا، وهناك صراع في مكان العمل حيث أن البقاء للأفضل مبدأ محسوم مسبقا للجميع".
لذا قد يبدو أنه لا يهم المسار الذي نتبعه في الحياة لأن هناك معركة تدور رحاها أمام الجميع ولا تعترف بالظروف ومن هذه الخيارات تأتي العواقب الوخيمة.
علي جانب آخر، غالبا ما تسفر الصحة الفيزيائية للاهثين وراء الكمال إلي ارتفاع معدلات الكوليسترول وهرمونات الضغط في الجسم والتي تحمي النسب الصغيرة منها صحتنا لذا قد يكون لهذه الزيادة تأثيرا علي مناعتنا الأمر الذي يؤدي إلي إضعافها وعلي المدى الطويل يتسبب ذلك في إصابتنا بالقلق والاكتئاب فضلا عن المشاكل القلبية حتى يتعذر علي الإنسان الإقلاع عنها.
كما تحذر الأخصائية النفسية من أن محاولة أن نسعي للكمال يشعرنا بعدم السعادة والرضا عن أنفسنا والأشياء المحيطة بنا وتحذر الدكتورة Melanie بأن ذلك قد يولد إحساسا بعدم السيطرة علي الأعمال التي نقوم بها وعدم تقييم الحياة التي نعيشها.
أما الحالة الأخرى فلـ Kely Grant التي تعيش في البحرين منذ تسع سنوات وتسعي جاهدة لتعديل مسار حياتها وتسمح لنفسها بالعمل والاستمتاع بحياتها الأسرية، وتقول: "إنني أوازن بين الوقت الذي أعطيه لإبني نوح البالغ من العمر عامان وابنتي "جود" 11 شهرا وبين حياتي المهنية"، وتوضح لنا أنها عندما كانت حاملا في ابنتها كانت تواظب علي إكمال دراستها الجامعية، فضلا عن أن لديها جدولا بمطبخها تحدد من خلاله تنظيم جميع المهام المنوطة بها الأمر الذي دفع زوجها للسخرية منها.
وتقول: "لكنني مقتنعة بأن طريقتي تؤتي ثمارها فعندما أؤدي مهامي بالمطبخ تكون هناك أشياء تدور برأسي والتي أستطيع بالكاد الموازنة فيما بينها ولو فكرت ولو لبرهة أنني لا أستطيع القيام بها فإنني لن أتمكن من القيام بذلك".
عن هذه الحالة تقول الدكتورة Alice حيث أن النساء يكافحن من أجل الكمال في البيت، في العمل، مع الأصدقاء، مع الأسرة ومع أحبائهن، إلا أن هناك حدا للتوفيق بينها جميعا، وتضيف Alice إن النساء لم يكن سعداء مالم يشعرن بأنهن كاملات.
وفي النهاية تنصح الأخصائية النفسية النساء قائلة: "يمكنكن العناية بأنفسكن، يمكنكن أن تكن أصحاء وأكثر رضا وقناعة إذا قللتن من أهدافكن، كما يمكنكن أن تكن أكثر سعادة لو أعتدتن ترتيب توقعاتكن والرضا بعدم الحياة الكاملة، فيمكنكن أن تعشن بسعادة دون أن تكن كاملات".
نصائح الدكتورة Alice للسعادة الأبدية- ركزي تفكيرك:قد تصبحين في حيرة من أن كل الأشياء إما جيدة أو سيئة، فعلي سبيل المثال: قد تجدين نفسك في أحد المحلات التجارية وتتذكرين أنك قليلا ما تحسنين الاختيار، عندئذ قولي لنفسك: "كم هو مريح أن أنتظر مليا ولا أجهد نفسي كأن أقرأ جملة حتى أستطيع ترتيب أولوياتي".
- التشتيت الذهني:تعتقدين أنك لست كاملة ما لم تكون الأفضل، علي سبيل المثال قد لا تشعرين أنك راضية عن نفسك ما لم تؤد تمارينك كاملة، ولكي تكوني راضية أخبري نفسك أنك قمت به 90% وبذلك ستشعرين بالرضا.
- ما يجب أن تقوليه لنفسك:حاولي عدم الضغط علي قدراتك وإدراك توقعاتك بشكل جيد، فعلي سبيل المثال قد تقولين لنفسك: "يجب أن أحافظ علي نظافة المنزل وأن أجعله نظيفاً دائما".
وبدلا من ذلك قولي لنفسك: قد لا يكون بيتي أنيقا لكنه في النهاية نظيفا.
- القراءة الذهنية:حاولي التفكير بأنك دائما مخطئة وليس الموقف الذي تقعين فيه، فعلي سبيل المثال: قد تجدين زوجك الذي يكون لطيفا معك بعد العشاء منعزلا (جالسا بمفرده) ولذلك تقولين لنفسك إنه مستاء مني.
أخبري نفسك: سأسأله إذا ما كنا بخير، وإذا قال نعم فاعلمي أنك لست الشيء الذي جعله مستاء.