مفاجأة: خمسة من المتهمين بالعمل لصالح حزب الله «عمال يومية»-ويسكنون أفقر أحياء العريش ومحتجزون بمقر أمن الدولة منذ 4 أشهر!- محتجزين علي ذمة قضية أخري بمقر أمن الدولة بالعريش أكدوا للأهالي تعذيب ذويهم بشدة.. وعندما ذهبوا إلي المقر نصحهم الضباط بعدم البحث عن أبنائهم! أهالي المعتقلين تقدموا ببلاغين للنائب العام عن اختفاء أبنائهم وعندما لم يتم التحقيق في البلاغين قدموا شكاوي لمنظمات حقوق الإنسان تمكنت «الدستور» من التعرف علي التفاصيل الكاملة لواقعة القبض علي مجموعة من المصريين والفلسطينيين واللبنانيين، واتهامهم بالانتماء لحزب الله والتخطيط لارتكاب أعمال تخريبية ضد شخصيات ومواقع مهمة في مصر.ترجع تفاصيل القضية إلي أوائل شهر ديسمبر الماضي عندما ألقت مباحث أمن الدولة بالعريش القبض علي مجموعة من شباب حي «أبونجيلة» الشعبي الفقير الذي يقطنه مجموعة من عمال اليومية وخاصة عمال البناء والتشييد، ومن بينهم فلسطينيون يعملون بنفس المهنة، وألقت مباحث أمن الدولة القبض علي كل من نصار جبريل عبداللطيف ـ 32 عاماً ـ «فلسطيني» ونمر فهمي محمد نمر ـ 33 عاماً ـ «فلسطيني» عامل نقاشة وناصر خليل معمر حامد «فلسطيني» ـ 34 عاماً ـ عامل بناء وهاني السيد مطلق ـ 30 عاماً ـ «مصري» عامل بناء وإيهاب عبدالهادي القليوبي ـ 32 عاماً «مصري» عامل بناء.واستمر احتجاز هؤلاء الأشخاص بمقر أمن الدولة بالعريش طوال تلك المدة، ولم يعرف أهالي المعتقلين شيئاً عنهم إلا بعد خروج أحد المعتقلين علي ذمة قضية أخري حيث أرشد الأهالي عن مكان وجود أبنائهم، كما أخبرهم بتعرضهم للتعذيب الشديد داخل المقر. بعدها بدأ أهالي المعتقلين في التردد علي مقر أمن الدولة بالعريش للسؤال عنهم، لكن بعض المسئولين بالمقر قالوا للأهالي إنه من الأفضل أن ينسوا أمر أبنائهم ولا يسألوا عليهم مرة أخري لأنهم لا يعرفون ما قاموا به، وهو ما دفع الأهالي إلي تقديم بلاغات للنائب العام تحت رقم 5143 و5146 بتاريخ 17/3/2009 عن اختفاء أبنائهم وعدم معرفتهم بمصيرهم، لكنهم لم يجدوا جدوي لبلاغهم، فتقدموا بشكوي إلي المنظمة المصرية لحقوق الإنسان، ومركز سواسية ومركز هشام مبارك للقانون وحاول المسئولون بهذه المراكز معرفة أماكن احتجاز المذكورين بشتي الطرق دون جدوي، حتي تم الإعلان عن أسمائهم ضمن المجموعة المتهمة بالعمل لصالح حزب الله اللبنانى
-------------------------------------------------
هناك الكثير من الأمور تحدث في مصر هذه الأيام تستعصي على الفهم لغرابتها، وعدم خضوعها لمعايير المنطق من بينها بيان النائب العام المصري الذي صدر امس، واتهم فيه حزب الله اللبناني بالتخطيط للقيام بعمليات عدائية داخل البلاد، وتدريب عناصر مدفوعة من الخارج على اعداد متفجرات لاستخدامها في تلك العمليات. ولا نعرف لماذا يريد حزب الله تجنيد 'عملاء' في مصر، والاقدام على اعتداءات تستهدف مؤسساتها العامة، فلا يوجد 'ثأر' مبيت لديه تجاه المحروسة، كما ان تاريخه الطويل في اعمال المقاومة لا يشير مطلقاً الى انه نفذ عمليات ضد اهداف اسرائيلية في الخارج، ناهيك عن تنفيذها ضد اهداف عربية، او مصرية على وجه الخصوص. هذه الاتهامات تبدو 'مفبركة' من ألفها الى يائها، تماماً مثل نظيراتها التي تصدر في حق اعضاء حركة "الاخوان المسلمين"، فلا يمر يوم دون ان تعتقل السلطات المصرية عددا منهم، دون ان يعرف هؤلاء سبباً واضحاً لاعتقالهم. نفهم لو ان المدعي المصري العام اتهم حزب الله بمحاولة تهريب اسلحة الى حركة حماس وفصائل المقاومة الأخرى في قطاع غزة عبر الاراضي المصرية، فهذه تهمة لا ينفيها الحزب، بل يتباهى بها، فعلاقته مع هذه الفصائل معروفة وعلنية، ولكن ان يُتهم بأنه يريد الاقدام على عمليات 'ارهابية' ضد مصر من خلال تجنيد انصار مصريين او فلسطينيين، مثلما اوحى بيان النائب العام، فهذا امر لا يمكن ان يصدقه عقل. أما الاتهام الاكثر اثارة للاستغراب في البيان المصري، فهو 'السعي لنشر الفكر الشيعي'. وهل يحتاج المصريون الى هذا السعي؟ وهل هناك من لا يعرف كم يحب المصريون آل البيت عليهم رضوان الله؟ ألا يشارك ملايين المصريين كل عام في احياء ذكرى مولد آل البيت في مدنهم ومنذ مئات السنين، أي قبل ان ينشأ حزب الله او تقوم دولة اسلامية في ايران نفسها؟. مصر تعرضت لموجات من التفجيرات واعمال العنف، استهدفت منتجعات سياحية من اقصى الجنوب (الاقصر) الى اقصى الشمال والشرق (طابا وشرم الشيخ وذهب) وكان القاسم المشترك في جميع التفجيرات ان الجهات التي تقف خلفها مصرية اصولية، لم تكن لها اي علاقة بتنظيمات خارجية، بما في ذلك تنظيم "القاعدة" الذي لم يعلن مسؤوليته عنها رغم اصابع الاتهام التي جرى توجيهها اليه من جهات داخلية وأخرى خارجية. من الواضح ان هناك محاولة مدروسة من قبل الحكومة المصرية لتحويل الانظار عن المشاكل الداخلية المتفاقمة، باختلاق عدو خارجي، ويفضل ان تكون ارضية الخلاف مذهبية، وهذا ما يفسر هذه الحملة الجديدة على حزب الله. وربما يفيد التذكير بأنه عندما توترت العلاقة مع ايران بسبب عرض فيلم 'اعدام الفرعون' الذي تناول محاولة اغتيال الرئيس المصري الراحل انور السادات، شاهدنا حملة مماثلة ضد ايران، واغلاق مكاتب محطة 'العالم' الفضائية التابعة لها. الحكومة المصرية تريد افتعال معارك مع حزب الله وتعبئة الشعب المصري ضده، تماماً مثلما حاولت تعبئته ضد الفلسطينيين والعرب، قبل زيارة الرئيس السادات للقدس المحتلة، لتبرير الخروج عن الصف العربي، وانهاء حالة الحرب، وتوقيع اتفاقات كامب ديفيد. فحزب الله يشكل خطراً عليها لأنه يدعم المقاومة في القطاع، وحقق نصراً على اسرائيل قلب كل المعادلات العسكرية، الاقليمية والدولية، اثناء عدوانها على لبنان في صيف العام 2006. فالحكومة المصرية تحارب المقاومة وتضيق الخناق عليها، وتوظف كل خبراتها من اجل عدم وصول الطعام والادوية اليها، ناهيك عن السلاح والعتاد الحربي. هناك 'ثأر' مبيت لدى هذه الحكومة تجاه السيد حسن نصر الله، زعيم الحزب، سببه مطالبته قادة الجيش المصري الذهاب الى قيادتهم السياسية واقناعها بكسر الحصار المفروض على مليون ونصف مليون فلسطيني في قطاع غزة، والتصدي للعدوان الوحشي الاسرائيلي الذي يطحن عظام الاطفال والنساء، ويحرق اجسادهم بقنابل الفوسفور الابيض. والمعروف ان للجيش المصري سجلا مشرّفا وناصعا، فهو لم يحارب ابدا شقيقا عربيا ولا مسلما، وكل ما طلبه منه حزب الله، ومعه الامة بأكملها، هو الا يتحول الى اداة للحصار والتجويع ضد شعب عربي سيبقى جارا لمصر بعد ان يذهب هذا النظام الحاكم من شرم الشيخ. ومن المفارقة ان هذا التحريض ضد حزب الله يأتي في الوقت الذي تتقرب منه دول عظمى مثل الولايات المتحدة وبريطانيا، فقبل اسبوع استقبلت العاصمة البريطانية النائب حسين الحاج حسن الذي يعتبر من اكثر نواب حزب الله نشاطا في البرلمان اللبناني، وقبلها استقبلت السيد ابراهيم الموسوي وزير اعلام الحزب وأحد اعضاء مكتبه السياسي، والمسؤول الاول عن قناة 'المنار'. وربما يفيد تذكير القائمين على هذه الحملة بأن الولايات المتحدة دعت ايران التي تقف خلف الحزب للمشاركة في مؤتمر انعقد الاسبوع قبل الماضي في امستردام للبحث في كيفية التعاطي مع الاوضاع في افغانستان، وحرص الرئيس باراك اوباما اثناء زيارته الى انقرة على مد غصن الزيتون مجددا لها، وعرض التعاون معها على اساس تبادل المصالح والاحترام المتبادل. السيد الحبيب العادلي وزير الداخلية المصري امتدح قبل اسبوعين في تصريحات مكتوبة ابناء الطائفة الشيعية في مصر الذين لا يزيد عددهم عن اربعة آلاف شخص على الاكثر، وقال انهم 'مسالمون'، واليوم توجه لهم النيابة العامة تهمة العداء لمصر، وتعتبرهم طابورا خامسا يشكل خطرا على الامن القومي المصري. الخطر الحقيقي على مصر هو سياستها الحالية المرتبكة، والمساندة بشكل مباشر او غير مباشر للعدوان الاسرائيلي على الامة العربية. وحتى اذا كان حزب الله احد الاخطار فإنه يحتل ذيل قائمة طويلة، وان كنا لا نعتقد ذلك.